ولفظ جواب إمامنا #
  اعلم أيها السائل المسترشد أن الله جل ثناؤه لما ختم النبوة بفصّ خاتمها، ومنتهى غايتها، محمد المحمود، حتى بلّغها أحسن بلاغ، وأوضحها أحسن إيضاح، فلما صار إلى ما صار إليه إخوانه الأنبياء، مع كون شريعته باقية على مرور الدهور، وتعاقب الأزمان والعصور، إلى انقطاع التكليف والحاجة إلى من يقوم مقامه، لتجديد ما انطمس، وتبيين ما التبس، كالحاجة إليه أقام عن أمر الله سبحانه مقامه ذريته، بعد أن استحفظهم على مكنون علمه، واستأمنهم أن جعلهم بصفته واسمه، أو بصفته لا اسمه، وجعل تلك الصفة علامة ذلك المقام والقدر المعلوم المقصود للشارع، وقد أثبتها العلماء ¤ في مصنفاتهم ودونوها في كتبهم، من أتصف بها كان حكمُه حكمَه، والهادي إلى سبيله، المستخلف من بعده على أمته، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ٧}[الرعد] وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣}[فُصِّلَت] وقال ÷: «من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة الله في أرضه وخليفة كتابه وخليفة رسوله» فأثبت للخليفة حكم المستخلف في الطاعة والتوقير والتبجيل والتعظيم، وإن تفاضلوا بعد الإشتراك في القدر المعتد به المقصود لله سبحانه فلا ينفي ذلك الحكم بالمفاضلة كما فاضل بين الأنبياء فقال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة: ٢٥٣] يعني والله أعلم أن الرسول ابن الرسول والنبي ابن النبي أفضل من الرسول أو النبي غير ابن الرسول أو النبي في هذه الجهة على حدتها، والنبي المعدود في أولي العزم أفضل من النبي الذي لم يكن كذلك في هذه الجهة، كذلك وهذه الدرجة لا تخرجه عن درجة النبوة، ولا عما يستحق ذلك النبي الأول في أمته؛ لأنه صفوة الله وخيرته، والحجة على