[تبرئة الإمام الناصر # مما نسب إليه]
  والمسلمين خيراً، وأما شأن الإمام الناصر سلام الله عليه فعند جهينة الخبر اليقين، فهو الذي بلغ في العلم الغاية، وفي الحلم والفضل النهاية، استجمع شرائط الإمامة حتى فاق مشائخه فضلاً عن أقرانه، واعترف بفضله أولوا العلم والفضل وبايعوه سراً كما بويع نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم #، شرى نفسه من الله، حتى وثب إلى دار الإمارة، واعتقل الخليفة فيها غِيرةً على الإسلام وأهله، واقتلع جرثومة الظلم كما هو مشهور معلوم، وكم أشاد من معالم الدين، وكم أقام حدود الله على المعتدين، والشأن أشهر من أن يذكر.
  وأما ما اعترض به المعترض فقد نادى على نفسه بعدم المعرفة للأئمة، ولم يعرف سيرهم وطريقهم، كيف وقد فعل المحابي من أئمة الهدى كما هو مذكور في سيرهم، فمن نقم في ذلك فقد نقم على جميع الأئمة، ولا قوة إلا بالله.
  [انتهى كلام شيخ الإسلام، عليه الرحمة والرضوان، أتممنا به الفائدة للقيام بحق الإمام الناصر سلام الله عليه، إذ قد جهل حقه الأشقياء، وقدح فيه الأعداء، ونسبوا إليه العظائم، وافتروا في سيرته، واعترضوا في طريقته، وهم أعوان الظلمة، وأركان الجور الآثمة، الذين غلب عليهم اعتياد سيرة الجور وأهل الإنحراف على أهل بيت المصطفى وأهل العقائد الردية، وطائفة الحشوية، وأهل البطالة واللهو الذين أوقع بهم عقوبته، وأصدق فيهم سطوته، فكان قذى أبصارهم، وشجى حلوقهم، وما نقموا منه إلا القيام بأمر الله سبحانه، والنهي عن المحرمات، والأمر بالواجبات، وإقامة حدود الله في المستحقين، مع أنه كان من أوعية العلم الذين شقوا شج أمواجه، وارتقو سماء معراجه، فإنه بلغ الغاية، وأخذ قصبة السبق ولم يشق غباره، ولا جرى أقرانه في