مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

[الموضع الأول:]

صفحة 428 - الجزء 1

  من الأضداد، إلا أن الضد المعاند لا يقبل الرشاد، إذ مقصده غالباً نقص الحق وأهله، وإن رأى للحق وجهاً لائحاً، ودليلاً مسلوكاً واضحاً، ولذا تراه يتلون في الأقوال، ويتتبع وجوه الجدال مع الشريعة المطهرة، سيما في مسائل النظر سمحة سهلة يكفي فيها ظهور وجهٍ مرضي، وبروز طريق سائغ شرعي، مستنبطاً أو مسبوقاً إليه قد وضح قيله، وتنقح دليله.

  ومن البلوى المستمرة أن المعاصي إذا برزت من أي فرقة من الفرق الهالكة لا تستنكر، ولا تنهى في الغالب ولا تذكر، وإذا برزت حادثة صلحت، أو مسألة في الدين رجحت، فَوَّقُوا إليها نبال المقال، ونصال الثلب والجدال، وأدرجوا السائغ الشرعي، في طي الباطل المنهي، واستحلوا الأعراض بلا ملجٍ ولا طائل إلا مجرد ارتكاب الهوى، وترك الأوجب، ورفض الأولى، وشبّوا نار العداوة في القلوب المراض الغاوية، وسلكوا سبيل من سلك من القرون الماضية، الذين رفضوا آل الرسول، وجحدوا فضلهم المنقول {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ٧٤}⁣[البقرة]، ولا ساهٍ مما يضمرون ويقولون، ومع ذلك الغمض والإعتراض لا يلونهم عن إظهار دين الله، ومنابذة أعداء الله، لعلمهم بما أعده الله لهم من الثواب الجزيل، والأجر الجليل، وإن قيل فيهم في ذات الله ما قيل، وأن النقص والثلب لا يكون دليلاً على النقصان، بل يعد من رمي بمالا يكون أنه من ذوي الكمال وعلوّ الشان، وإنما ذكرنا لك هذه المادة لتكون على ذكرٍ منك، فمن الدسائس الحاملة للبغضة الكذبة أعداء العترة الطاهرة إلقاء النميمة، يريدون بذلك سب أهل البيت الحي منهم والميت، ويفرقون بينهم ويظهرون لمن لا يعرف أن هذا حالهم، أولهم وآخرهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويعلي كلمته، ويظهر على الحق في كل أوان طائفته.