بحث العالم الصغير المأخوذ في قول أهل الصناعة المنطقية
  الممكنات الجوهر(١) والأعراض ولم يذكروا المؤثر وأن بهما إقامة البرهان على زعمهم وجعلوا الأشكال أربعة كالأركان الأربعة وصحة إنتاجها كالكون والصلاح وعدمه كالفساد وسموا الإدراك والتصور علماً والإذعان تصديقاً، وليس العلم منهما إلا أربعة: التصور والإذعان الضروريان، والتصور والإذعان المكتسبان الاستدلاليان وما عداهم ليس بعلم، - راجت(٢) هذه الصناعة ومزجت بها الفنون.
  إذا قيل ما حكم العلوم التي بها ... تفرد من بين الأنام الفلاسفة
  فقل سفه والله إن خالفوا الهدى ... وإن وافقوا الحق المبين فَلَا سَفَه
  وأما الباطنية فأقوالهم واستدلالهم صريحاً، ورمزاً مشيرة إلى القول بالعلة وتأثيرها وبوحدة الوجود، وبالعقول العشرة وبالقول بتأثير النجوم وطبائعها، وانتحال مذهب العليَّة باطناً وإن انتحلوا الإسلام ظاهراً تحيّلاً لهدم الإسلام عموماً وخاصاً للإلحاد في المعجزة العظمى، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتأولوه بالتآويل الخارجة عن مدلول ألفاظه الذي نزل بها ودل عليها، وقالوا لكل ظاهر باطن لا يعرفه إلا إمامهم المعصوم، وقالوا بالتعليم منه ونفوا النظر والأخذ بما دلت عليه الأدلة نصاً أو ظاهراً أو مفهوماً، ومنهم من يعمل بالظاهر والباطن، وهم حذاق الباطنية قولاً لا عملاً، بل تعمقاً في الحيلة والتمويه، وذلك غير مخلصٍ لهم من الكفر سواءً توافق الظاهر والباطن أو تخالفا فاعلم ذلك.
(١) في (أ): في الأعراض.
(٢) قال في الأصل: (جواب لما) تمت. يعني في قوله ولما كان البحث ... الخ.