السيف المسلول لقطع حبائل أهل العلة والمعلول
  قلنا: الوهم عندكم قوة من قوى النفس الجزئية، وهي تتخيل ما لا حقيقة له وما له حقيقة فليس ينبغي أن يحكم بمتخيلاتها حق ولا باطل من دون أن تشهد لها أحد القوى الحساسة أو العقل أو أحد طرق العلم فأين الشهادة بذلك، فكيف إذا قام الشاهد ببطلان هذا الوهم نقلاً وعقلاً فإن النفس إذا تجردت عن الجسم انطفت وفنت وعدمت صورتها المقومة، وكيف يقوم ذات النفس اللطيف بالمعنى المعدوم؟! أو يقوم المعنى بالمعنى، فما ذلك إلا قول من أعمى الله قلبه واشتد مرضه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}[البقرة] إلا أن يكون أقوالهم بالنفس الروح الذي من أمر الله فإنه يبقى إلى النفخة الأولى ثم يقع به الموت النازل بغيره بالدليل، وأنكروا المعاد الجسماني والروحاني بل قالوا بإعادة الأشياء إلى أصولها، وقالوا بالتناسخ للأرواح إلى الهياكل، وأخذوا من قول النصارى: إن الله تعالى احتجب في هياكل الأئمة كما احتجب عيسى، فالأئمة الناسوتية حجب الأنوار اللاهوتية عندهم، وأنهم ينتقلون من صورة إلى صورة، وأن الأئمة واسطة بين الله تعالى وخلقه يحكمون ويتكلمون بما يرونه من دون استناد إلى أقوال الله تعالى، وأن الإمام خلق سائر المخلوقات، كما قالت المطرفية في خلق المواليد بفطرة الأركان وطبعها، وغير ذلك، والذي ألجأهم إلى تتبع الفاسد، وانتحال ظاهر الإسلام، هو أنه لما قوي الإسلام لم يبق لهم طاقة بمصادمة أهله قولاً وفعلاً، وإذا صرحوا المذهب المجوسي أفحمتهم حجة العقول، وبراهين النقول، وأقوال الفحول، من علماء الكلام والأصول، فعمدوا إلى الحيل توصلاً إلى الإلحاد، وإلحاق