[الصوفية الحلولية والفروجية العلية]
  الظاهر الذي ذكرتموه عنه فكل ظاهر عندكم باطن كيلاً لهم بصاعهم الخاسر، وتمثيلاً بمادة جوادهم الحاسر {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[النحل: ٦٠]، {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[النساء: ٣٩] وعملوا بنحو النصوص من المفاهيم والظواهر.
  الذي ورد الدليل عليها ونزل بها وعملوا بصحيح النظر على ما جبلته سليمات الفطر، يخوفون من مواضع الأمن، ويؤمنون من مواضع الهلاك، فقل في جوابهم أيها المخوف من إفشاء أسرارهم وفتح ضمائرهم وعقائدهم، ما قاله الملك الجليل حاكياً عن رسوله ونبيه إبراهيم الخليل {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٨١ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ٨٢ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ٨٣}[الأنعام].
[الصوفية الحلولية والفروجية العلِّيَّة]
  وأما الصوفية الحلولية والفروجية العلية: فقد انتحلت ظاهراً مذهب بعض السنية وقالت: إن الله ø عرض أو جسم لطيف يحل الصور الحسنة، وقالت أيضاً: إن معرفة الله، يعنون نحو النفس، هي العبادة لا القول والعمل، وإن طريق معرفة الله قول الشيخ والرياضة، فإذا حصل رياضة النفس على مقتضى قول الشيخ انتقش الله وانطبع في قلوبهم كما ينطبع الوجه في المرآة الصافية من الكدورات وهو كقول الباطنية