رسالة العلامة يحيى القطفا
رسالة العلامة يحيى القطفا
  
  الحمد لله المتفرد بالوجود، حيث كل شيء غيره معدوم، العالم بما سيوجده مما هو في العدم معلوم، يحمده خلقه حيث خلقهم بعد أن كان ولا كائن سواه، أبرز خلقه من العدم المحض حيث لا لهم مادة ولا مثال ولا وقت ولا مكان، بل خلق الكائن والمكان، والوقت والزمان، لا إله إلا هو عم علمه المعلومات، وثبتت قدرته على جميع المقدورات، الحكيم الذي لا يجوز عليه النقص ولا على حكمه النقض، وأصلي وأسلم على نبيه المفضال، من صدّع بعلمه ظلم الضلال، وكشف بنوره شبه الجهال، وعلى آله جبال الهدى، وأعلام التقى، ورضي الله عن أصحابه قافين أثره، والتابعين لهم في اتباع أمره.
  وبعد فإنه لما ورد عليَّ هذا السؤال ممن لا أعرفه بل وصل إليَّ كالضالة التي لم تنشد، فبقيت متطلعاً للسائل، فلم أقف من معرفته على طائل، فنظرت فيه وصعدت النظر وصوبت، وأرجعت النظر فأبصرت، فوجدته سؤالاً منفصلاً لم يترتب على أركان أدلة أصول دين الإسلام، فبنيت على عدم الإجابة وبعد خطر في البال، خلو الزمان عن من يعرف هذا الشأن، ويجري في شوط أهل هذا الميدان، فخشيت أن يطلع عليه بعض المبتدئين في هذا العلم قبل الرياضة في عرصات ذلك المكان، فَتَعْلَق بقلبه الشكوك في ثبوت ما ادعى أو نفي ما نفى فأجبت في صدره جواباً(١) لم أطنب فيه، والمقام مقام
(١) يأتي هذا الجواب الموسع على غير الترتيب في السيرة، إذ الأولى أن يبدأ بالسؤال أولاً ثم الجواب الأول ثم الرسالة الجوابية الموسعة.