جواب الباطني حسن بن إدريس على رسالة الشهيد عامر بن علي
  ولولا أن يظن بنا غلواً في الكلام لزدنا في ما يجب لهذا المقام، ولأوسعنا المقال، على كل حال، ولعمري إن لوزيره الأعظم، وأميره(١) المكرم، من الفضل العميم، والطول الجسيم، ما وسع السيد والمسود، مولانا ولي نعمتنا حسن باشا، بلغه الله من كل خير ما شاء.
  وأما فخرك بأهل البيت، الحي منهم والميت، فكما قال الأول شعراً:
  فإنك والفخار كذات مرط ... لربتها وترفل في الإهاب(٢)
  وأما نحن فعبيد مولانا السلطان الأعظم، وخدام وزيره المكرم، نعتقد أن خدمتنا لإحسانهم شكراً، ولما اختصونا وجميع قبائلنا سهلاً ووعراً، منه النعمة الشاملة، والأيدي الهاطلة فقد(٣) [قال] ÷: «من أسديت إليه نعمة فليشكرها وليذكرها».
  واعلم أنه لا يهولنا في واجب الطاعة تهديد، ولا يطمعنا وعد ولا يروعنا وعيد، وأما ما ذكرت من علي بن صلاح فإنه قد أخذ وأعطى، والحرب سجال والأيام أدوال، وقلت: إن إمامك مشغول بحرب الشام، وأنت تشعبت عليك الأمور العظام، من خلف وأمام، فما كان أغناك عن هذا المقام، وكان الأولى بك أن تدعو لمن أحسن إليك، وحمل المؤنة عنك «ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه».
  وأما ما ذكرت أنك ما قمت إلا بإشارة ربانية، وأحاديث نبوية، فإن كان عندك شيء من ذلك يقين فأخبرنا ما هذه الإشارات التي ادعيت، والأحاديث التي رويت، على أن للخبر عند أهل العلم شروطاً ولم يكن عندك منها شيئ، ولو لم يكن إلا أنك متشيعٌ مبغض للصحابة فكفى ذلك وإن كان للتمويه فمثلنا لا يغتر بالأقاويل.
(١) في الأصل: مكتوب فوقها (وأمينه).
(٢) البيت للشاعر عطية بن عفيف.
(٣) في الأصل: من غير كلمة (قال).