مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

جواب الباطني حسن بن إدريس على رسالة الشهيد عامر بن علي

صفحة 97 - الجزء 1

  هذا ولقد كان لك في المدعي الذي هو الحسن بن علي⁣(⁣١) عبرة تغنيك، ولا يغريك العدة الكثير الذي كاثرتم به الرمال، وملأتم السهول والجبال، ثم مما نحقق لك أنا كتبنا جوابك، بعد وصول كتابك، وعرضناه على المسامع الشريفة الوزيرية، وقرئ في الحضرة الباشوية، وأخذنا الإذن الشريف بإبلاغه إليك، وعرضه عليك، مراعاة لسوابق النعماء، ومحافظة على شرط الوفاء، وشكراً للصلة العظمى، وأنت شرحت في كلامك إنما حملك على ذلك شفقة علينا، والنظر بعين المراعاة إلينا، فقد أوجبت علينا بذلك يداً، واستحققت منا رعاية وهدى، فإن عرفت المعنى، وفهمت المقصود منا، نلت حضك الأسنى، واستمريت عيشك الأهنا، وإن أبيت فقد أدينا واجب الأخوة الإيمانية، وتحرجنا من الحقوق الواجبة على الذوات الإنسانية، وذلك أني قد تحققت ما جرى من الأمور، وما حصل من الشرور، ثم إن لك في الفقيه يوسف الحماطي⁣(⁣٢) وقد بينه العياني عبرة لا تخفى، فإن رأيت أن ترفق بنفسك، وترجع إلى صائب معقولك، ورأيت الرجوع إلى الطاعة، والمسارعة إلى ما عليه الجماعة، بلغنا بك ما أملت من الجوانب العالية، والعطفات السامية، لأن عفوهم أعظم من كل ذنب عظيم، ومولانا صاحب السيرة الأب الرحيم، يجعل العفو شكراً، ويعد أنه بالفضل أولاً وآخراً، وهذا القول من واجب النصيحة، ومحض المشورة الصحيحة، والله الموفق للصواب، والهادي إلى ما يرضيه من الأسباب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.


(١) يريد الإمام الناصر الحسن بن علي بن داود فإن الأتراك أسرته بجبل الأهنوم ومكث في اليمن سنة ثم أرسلوه إلى السلطنة أسيراً، وتوفي بالسجن شهيداً سنة ١٠٢٦ هـ.

(٢) القاضي العلامة الزاهد، التقي، العابد، يوسف بن علي الحماطي، ناصر الإمام القاسم بن محمد #، وله أيام معروفة في الجهاد والصبر، وحثَّ أهل البلدان على نصرة الإمام # حتى أسرته الأتراك، وسُجن بصنعاء، حتى مات شهيداً مسموماً سنة ١٠٠٧ هـ، ودُفن بها.