مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

[تحريض الإمام # على جهاد الباطنية]

صفحة 104 - الجزء 1

  ومن حيلهم أن يلعن بعضهم بعضاً، ويظهرون في ذات بينهم عداوة وبغضاً، بالقول والأفعال، والأمر خلافه فلا يخرجون عن دين المجوسية، ولا يتبعون أحكام الشريعة المحمدية، إلا خوفاً وتقية، فقد هتكوا الحرم، واستباحوا المحرم، وأخذوا الجبايات في الطرقات، وأنزلوا بالمسلمين عذاباً ووبالاً، وجعلوا ديارهم خاويات قسراً وسبياً، وأموالهم نهبةً وفيئاً، ومع ما ذكرنا من المصائب العظمى، وعددنا من الطوام الكبرى، أنهم مخالطون للمسلمين في بلادهم ومساكنهم وناكحون منهم حقيقة لما هم عليه وإليهم، قد اتصلوا بالقرب والقرابات فترى القرمطي الكافر نسب المسلم وقريبه في بعض البلاد وهو لا يشعر بحاله، وقد عرفوا بالاتصال في طباعهم وسلكوا لكل فردٍ في الطريق التي تناسبه، وإلى كفرهم تقربه وتجذبه، لا يخفى عليهم من العورات خافية، ولا يدعون جهداً في خدع المسلمين، ولا يتركون لدينهم بقية فأي ضر أبلغ من ضرهم، وأي شر أكبر من شرهم، هم العدو فاحذروهم، فقد جذبوا بالموآخاة في العوام جمًّا غفيراً، وجمعاً كثيراً، حتى حالفهم وناصرهم، وصار حكمه لا محالة حكمهم.

[تحريض الإمام # على جهاد الباطنية]

  فلعمري أن كل مسلم لا يهتم بجهادهم ولا يعين بمقدوره على منابذتهم، ليس له في رحمة الله نصيب، وأن كل مسلم أعاننا بمقدوره عليهم فكأنما أعان محمداً ÷ على قتلاء القليب⁣(⁣١)، ألا فالهمة الهمة أيها المسلمون إلى الذب عن دينكم وأموالكم وتجارتكم وأسبابكم فماذا بعد هذه الضرورة تنتظرون، وبأي علة تعتلون، وبماذا


(١) وهم قتلى بدر (عتبة وشيبة وأمية بن خلف وغيرهم)، والقليب اسم لبئر بالقرب من (بدر) وهي بفتح القاف كسر اللام، وضع فيه رسول الله ÷ قتلى المشركين