[حقيقة العقل عند الباطنية]
  واعلم أن الكلام إنما هو في الأجسام أنفسها، وأما تراكيبها فلا خلاف في حدوث كثيرٍ منها كالحوادث اليومية. انتهى كلام ابن حابس.
  قلت: والوجه الرابع من تفارق كلامهم كلام الفلاسفة أنهم ربما عبروا عن العقل الأول بالنور.
  والخامس: أنهم شبهوا العقل بالشمس، والإنسان بالقمر، كما شبه أولوهم المجوس النار بالشمس فعبدوها لما غابت عليهم بالليل وهم شبهوا الإنسان بالقمر لما كان الإنسان محلاً لإلههم النفس الجزئية الإنسانية المستفاد معارضها من النفس الكلية الفلكية، كما أن ضوء القمر مستفاد من نور الشمس، ولأن النفس الجزئية أقرب من النفس الكلية.
  السادس: أن بعض الباطنية النفسية يقولون: إن الشمس لا يعرف محلها من الأفلاك عندهم وعند بعض الفلاسفة، وإنما ذكرت في الرابع تقريباً.
  السابع: أنهم ربما عبروا عن العقل الأول بالحياة، ذكر كل ذلك في رسالة الإحسان في خلق الإنسان، ورسالة الصورة والهيولى، ولمح بذلك في رسالة شرح النفس.
[حقيقة العقل عند الباطنية]
  واعلم أن حقيقة العقل عندهم جوهر مجرد عن المادة أي الهيولى في ذاته مقارن لها في فعله أي تدبيره وتصرفه وهو أي العقل الفعال يسمى المبدأ الفياض عند الحكماء، والعقل يطلق بالاشتراك عند الحكماء على معانٍ ثلاثة:
  الأول: على النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله أنا.