حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الرابعة المجاب بها القسم

صفحة 450 - الجزء 2

  ليبطئن، قلنا: وكذا ما في الآية، أي: لقوم ليوفينهم؛ ثم إنه لا يقع صفة إلا ما يقع صلة فالاستدلال ثابت وإن قدرت صفته؛ فإن قيل: فما وجهه والجملة الأولى إنشائية؟ قلت: جاز لأنها غير مقصودة، وإنَّما المقصود جملة الجواب، وهي خبرية، ولم يُؤْتَ بجملة القسم إلا لمجرد التوكيد لا للتأسيس.

  وأما الثاني فلأن الخبر الذي شَرْطُه احتمالُ الصدق والكذب الخبر الذي هو قسيم الإنشاء، لا خبر المبتدأ، للاتفاق على أن أصله الإفراد، واحتمال الصدق والكذب إنما هو من صفاتِ الكلام، وعلى جواز «أين زيد؟ وكيف عمرو؟» وزعم ابن مالك أن السَّماع ورد بما مَنَعَه ثعلب، وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ٩}⁣[العنكبوت: ٩]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ}⁣[العنكبوت: ٥٨]، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ}⁣[العنكبوت: ٦٩]، وقوله [من الكامل]:


  منهما خلاف المدعي قوله: (قلنا وكذا ما الخ) حاصله أن ما تحتمل الزيادة والوصفية ومن تحتمل الوصفية فقط وما يحتمل شيئاً واحداً أجود مما يحتمل شيئين هذا على أن احتمال الوصفية مضر ولنا أن نقول هو لا يضر وإليه أشار بقوله ثم إنه الخ. قوله: (فما وجهه) أي: ما وجه كون الجملة القسمية تقع صلة وصفة والصلة والصفة اشترطوا فيهما أن يكون لهما خارج تطابقه أو لا تطابقه لأنه أتى بهما للتعيين فلا بد أن يكون معناهما معهوداً بدون النطق بهما والجملة الأولى أعني جملة القسم إنشائية ليس لها خارج. قوله: (والجملة الأولى) أي: والحال أن الجملة الأولى وهي جملة القسم إنشائية أي والصلة والصفة أتى بهما للتعيين فلا بد أن يكون معناهما معهوداً بدون النطق بهما. قوله: (لأنها) أي: الجملة الأولى غير مقصودة أي لأنها لتأكيد الجواب الذي هو مقصود بالإفادة.

  قوله: (إلا لمجرد التوكيد) أي فقولك جاء الذي والله قام أخوه مثل قولك جاء الذي قام أخوه وإنما زادته الأولى التأكيد فقط. قوله: (وأما الثاني) أي: وأما بطلان التعليل الثاني. قوله: (للإتفاق على أن أصله) أي خبر المبتدأ الإفراد أي حقه ذلك لأنه منسوب للمبتدأ والأصل في المنسوب أن يكون شيئاً واحداً ويحتمل أن المراد بالأصل الغالب. قوله (على أن أصله الإفراد) أي: ولا يقال في المفرد إنه يحتمل الصدق والكذب أي وحينئذ فما كان فرع ما لا يوصف بذلك لا يشترط فيه ذلك والذي هو فرعه الجملة. قوله: (أين زيد وكيف عمرو) فأين وكيف خبر مقدم وزيد مبتدأ مؤخر وهذا تأسيس وإلا فأداة الاستفهام مفرد لا يوصف بإنشاء نعم الكلام إنشائي. قوله: (ورد بما منعه ثعلب) أي: من مجيء الجملة القسمية خبراً للمبتدأ قوله: (خشيت) بكسر الشين من خشي وتمامه:

  وإذا أتاك فلات حين مناص