تنبيه - وقع لمكي وأبي البقاء
  أن اللام بمعنى «أن» المصدرية، وأن من ذلك: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}[يوسف: ٣٥] أي: أن يسجنوه، ولم يثبت مجيء اللام مصدرية؛ وخلط مكي فأجاز البدلية مع قوله: إنّ اللام لامُ جواب القسم والصواب أنَّها لامُ الجواب، وأنها منقطعة مما قبلها إن قدر قسم، أو متّصلة به اتصال الجواب بالقسم إنْ أُجْرِي «بَدَا» مُجرى «أقسم» كما أُجري «علم» في قوله [من الكامل]:
  وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَتاتِيَنْ مَنِيَّتِي ... إِنَّ الْمَنَايا لا تَطِيشُ سِهَامُهَا
  وأما أبو البقاء فإنه قال في قوله: {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ}[آل عمران: ٨١] الآية، من فتح اللام ففي «ما» وجهان:
  أحدهما: أنها موصولة مبتدأ والخبر إما {مِنْ كِتَابٍ} أي: للذي آتيتكموه من الكتاب، أو {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ}[آل عمران: ٨١]، واللام جواب القسم لأن أحد الميثاق قسم،
  الغير. قوله: (بمعنى المصدرية) أي: فالمعنى كتب ربكم على نفسه جمعكم فالبدلية حينئذ ظاهرة إلا أن هذا الكلام بعيد جداً من حيث أن اللام لم يثبت أنها مصدرية.
  قوله: (وإن من ذلك) أي: كون اللام بمعنى أن المصدرية وهي وصلتها بدل. قوله: (أي إن يسجنوه) وهو بدل من ضمير بدا العائد على البداء قوله: (ولم يثبت الخ) أي: وإن كان المعنى على كونها مصدرية ظاهراً وهذا رد على غير مكي. قوله: (وخلط مكي الخ) أي: لأنه يلزم على كلامه التناقض السابق أي كون الجملة لها محل ولا محل لها. قوله: (وإنها منقطعة مما قبلها) أي: وهو الرحمة في الآية الأولى والضمير في بدا في الآية الثانية إذ ليست الرحمة خصوص الجمع. قوله: (إن قد قسم) أي: قبلها بحيث تكون اللام موطئة للقسم، والأصل ثم بدا لهم والله ليسجننه وكتب ربكم على نفسه الرحمة والله ليجمعنكم الخ. قوله: (أو متصلة الخ) هذا خاص بقوله ثم بدا لهم لأنه إنما يتأتى فيها. قوله: (إن أجرى الخ) أي: لأنه من أفعال القلوب وهي لتحققها تجاب بما يجاب به القسم كما سبق. قوله: (لما آتيتكم الخ) حاصل معنى الآية إن الله أخذ ميثاق والنبيين، وقال لهم إن أتيتكم الكتاب والحكمة أي التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب، ثم جاءكم رسول في آخر الزمان بكتاب مصدق تلك الكتب أتؤمنون به وتنصرونه قالوا نعم اشهدوا بذلك وأنا معكم من الشاهدين، ولكن تخريج الآية على القواعد النحوية على هذا المعنى فيه أوجه منها ما ذكره أبو البقاء هنا.
  قوله: (إنها موصولة الخ) حاصل هذا الإعراب أن ما موصولة مبتدأ واللام لام الابتداء وأتيتكم صلة والعائد محذوف أي آتيتكموه، وقوله ثم جاءكم عطف على آتيتكم فهو من تمام الصلة لعطفه على الصلة والعائد محذوف أي ثم جاءكم به، وقوله لتؤمنن خبراً وإن الخبر من كتاب وسيأتي للمصنف أن جعل الخبر من كتاب يلزم عليه الإخبار قبل تمام الصلة، وكما أن لتؤمنن خبر هو جواب القسم أعني قوله أخذ الله ميثاق الخ. قوله: (من الكتاب) أي: