حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون

صفحة 105 - الجزء 1

  ورُدَّ بأنَّا لا نسلم أن الهاء للسكت، بل هي ضمير منصوب بها، والخبر محذوف، أي: إنه كذلك، والجيدُ الاستدلال بقول ابن الزبير ¥ لمن قال له: «لَعَن الله ناقة حملَتْني إليك»: «إِنَّ، وَرَاكِبَهَا»، أي: نعم، ولَعَنَ راكبها، إذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعاً.

  وعن المبرّد أنه حمل على ذلك قراءة من قرأ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}⁣[طه: ٦٣]، واعترض بأمرين:

  أحدهما: أن مجيء «إنْ» بمعنى «نعم» شاد، حتى قيل: إنه لم يثبت.

  والثاني: أن اللام لا تدخل في خبر المبتدأ، وأجيب عن هذا بأنها لام زائدة، وليست للابتداء، أو بأنها داخلة على مبتدأ محذوف، أي لهما ساحران، أو بأنها دخلت بعد «إِنَّ» هذه لشبهها بـ «إنَّ» المؤكّدة لفظاً، كما قال [من الطويل]:

  وَرَجُ الْفَتى لِلْخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ ... عَلَى السِّنَّ خَيْراً لا يَزَالُ يَزيدُ

  فزاد «إنْ» بعد «ما» المصدرية لشبهها في اللفظ بـ «ما» النافية، ويضعف الأول أن


  قوله: (لا نسلم أن الهاء للسكت) أي: بحيث تكون حرفاً لاحقاً للحرف. قوله: (أنه كذلك) أي: أن الأمر كما قلت قوله: (بقول ابن الزبير) بضم الزاي المشددة قاله لفضالة بن شريك، وقيل: لابن الزبير بفتح الزاي وكسر الباء حكي أنه أتى ابن الزبير في حاجة فقال إن ناقتي تعبت فقال له أرحها قال وأعطشها الطريق فقال اسقها أي: قال له ذلك من تجاهل العارف فقال ذلك الرجل ما جئتك مستطباً إنما جئتك مستمنحاً لعن الله الخ. قوله: (إن وراكبها) هو مقول قول ابن الزبير المستدل به قوله: (إذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعاً) أي: فلا يكون في كلام ابن الزبير إن التي تنصب الاسم وترفع الخبر إذ لو جعلت كذلك فيه للزم حذف اسمها وخبرها جميعاً، فإنهما لم يذكرا فيه واللازم باطل فتعين أن تكون بمعنى نعم لسلامته عن هذا المحذور. قوله: (واعترض) أي: ذلك الحمل وقوله بأمرين رده أبو علي الفارسي بأن ما قبل إن المذكورة لا يقتضي أن يكون بمعنى نعم إذ لا يصح أن يكون جواباً لقول موسى # {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ}⁣[طه: ٦١]، وأن لا يكون جواباً لقوله: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ}⁣[طه: ٦٢] كذا قيل ويمكن أن يكون جواباً للاستخبار الحاصل من قوم فرعون الذي تضمنته الفحوى السابقة. قوله: (حتى قيل) أي: كما قاله أبو عبيدة قريباً وقوله إنه لم يثبت أي: فلا يصح حمل التنزيل عليه قوله: (لا تدخل في خبر المبتدأ) أي: وقد دخلت هنا؛ لأن قوله هذان مبتدأ وقوله: ساحران خبره قوله: (وليست للابتداء) أي: فلا محذور حينئذ وذلك؛ لأن لام الابتداء، أي: امتنع دخولها في الخبر فهي لها الصدارة ووقوعها في الخبر المفرد منافٍ لذلك بخروجها حينئذٍ عن الصدر بخلاف اللام الزائدة. قوله: (أو بأنها) أي: