حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الباب الثالث من الكتاب في ذكر أحكام ما يشبه

صفحة 517 - الجزء 2

  فيهما من معنى قولك: «الشجاع» أو «الجواد». وتقول: «فلان حاتم في قومه» فتعلق الظرف بما في «حاتم» من معنى الجود ومن هنا رُدَّ على الكسائي في استدلاله على إعمال اسم الفاعل المصغر بقول بعضهم: «أظنُّني مُرْتَحِلاً وَسُوَيْراً فَرْسَخا»، وعلى سيبويه في اسْتِذلاله على إعمال «فَعِيل» بقوله [من البسيط]:

  ٦٨١ - حَتَّى شَآهَا كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلْ ... [بَاتَتْ طِرَاباً، وَبَاتَ اللَّيْلَ لَمْ يَنَم]

  وذلك أن «فرسخاً» ظرف مكان و «مَوْهناً» ظرف زمان، والظرف يعمل فيه روائح الفعل، بخلاف المَفْعُول به، ويوضح كون «المَوْهنِ» ليس مفعولاً به أنّ «كليلا» من «كَلَّ»، وفعله لا يُعَدَّى؛ واعتذر عن سيبويه بأن «كليلا» بمعنى: مُكلّ،


  مسماه بوصف كان فيه معنى المشتق كحاتم وأبو المنهال لا أنه مؤول بالمشتق وهذا بخلاف النكرة كما في أسد على فإنها تؤول بالمشتق أي صائل أو مجتراء على قوله: (بما في حاتم الخ) الأولى بحاتم لما فيه من معنى الجود. قوله: (ومن هنا) أي: من كون الظرف يكتفي برائحة الفعل قوله: (وسويراً) تصغير سائر وقد عمل في قوله فرسخاً. قوله: (وعلى سيبويه) أي: ورد على سيبويه قوله: (شآها) بألف بعد الهمزة على وزن قلاها. قوله: (حتى شآها) أي: السحاب أي حتى سبقها كليل أي برق كليل أي كثير الكل أي التعب، وقوله موهناً اسم النصف الليل أي في نصف الليل، وقوله عمل أي مطبوع على العمل أي صار العمل طبعه وسجيته والمعنى حتى سبق السحاب برق كليل في نصف الليل وعمل صفة ثانية لبرق. قوله: (كليل) هو على وزن فعيل وقد عمل في موهناً. قوله: (وذلك) أي: وبيان ذلك أي الرد على الكسائي وسيبويه.

  قوله: (وموهناً ظرف زمان) أي: لأنه نصف الليل وما قاربه. قوله: (خلاف المفعول به) أي: فإنه لا يكتفي برائحة الفعل ولا يتم الاستدلال إلا لو كان فرسخاً وموهناً مفعولاً. قوله: (وفعله لا يتعدى) أي: فلا ينصب المفعول به. قوله: (بمعنى مكل) أي: من


= شرح المفردات النقر: صوت يسكن به الفرس عند اضطرابه الأثافي: هنا بمعنى: الجماعات. زمر: جماعات.

المعنى: يقول: أنا ابن ماوية الشجاع البطل إذا حمي وطيس الحرب، وجاءت الخيل جماعات.

٦٨١ - التخريج البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في (خزانة الأدب ٨/ ١٥٥، ١٥٨، ١٦٤؛ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١١٢٩؛ وشرح المفصل ٦/ ٧٢، ٧٣؛ والكتاب ١/ ١١٤؛ ولسان العرب ١١/ ٤٧٥، ٤٧٧ (عمل)، ١٤/ ٤١٨ (شاي)؛ والمنصف ٣/ ٧٦؛ وللهذلي في لسان العرب ١٠/ ١٠ (أنق)؛ وبلا نسبة في المقتضب ٢/ ١١٥؛ والمقرب ١/ ١٢٨).

اللغة: شاها دفعها وساقها الكليل: الضعيف المتعب. المَوْهِن: منتصف الليل.

المعنى: إن السحاب يمشي تعباً يدفعه الريح طوراً ويزجره البرق طوراً، ونزول المطر الذي لم يقف طيلة الليل.