هل يتعلقان بأحرف المعاني
  من «اليوم» و «اليوم» إما ظرف للنفع المنفي، وإما لما في «لن» من معنى النفي، أي: انتفى في هذا اليوم النفعُ، فالمنفي نفع مطلق، وعلى الأول نفع مقيد باليوم. وقال أيضاً: إذا قلت «مَا ضَرَبْتُهُ للتأديب» فإن قصدت نفي ضرب مُعَلَّل بالتأديب فاللام متعلقة بالفعل، والمنفي ضرب مخصوص، وللتأديب تعليل للضرب المنفي؛ وإن قصدت نفي الضرب على كل حال، فاللام متعلقة بالنفي والتعليل له، أي: أن انتفاء الضرب كان لأجل التأديب؛ لأنه قد يؤدَّبُ بعض الناس بترك الضرب، ومثله في التعلق بحرف النفي «ما أكْرَمْتُ المُسيء لتأديبه، وما أهنتُ المحسن لمكافأته»، إذ لو علق هذا بالفعل فسد المعنى المراد؛ ومن ذلك قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ٢}[القلم: ٢] الباء متعلّقة بالنفي، إذ لو علقت بـ «مجنون» لأفاد نفي جنون خاص، وهو الجنون الذي يكون من نعمة الله تعالى وليس في الوجود جنون هو نعمة، ولا المراد نفي جنون خاص، اهـ ملخصاً.
  وهو كلام بديع، إلا أن جمهور النحويين لا يُوافقون على صحة التعلق
  وإما لإشارة القيد إليه لأن حالة البيت والرحيل حالة نفور وذهاب فيكون المعنى أن سعاد تشبه عند رحيلها وذهابها عن محبها الظبي النافر عمن يريد الأنس به، وإنما ذكر هذه الصفات مع أنه لا مدخل لها في التشبيه لمزيد التلهف والتأسف على فوات ذلك الظبي وعدم الظفر به ليعتبر ذلك في جانب سعاد.
  قوله: (للنفع المنفي) أي: فالمعنى انتفى نفعكم في هذا اليوم الذي هو وقت ظلمكم قوله: (وإما لما في لن الخ) أي: وإما ظرف للنفي الكائن في لن. قوله: (فالمنفي) أي: على هذا الأخير قوله: (فاللام متعلقة بالفعل) أي: ضربت أي انتفى الضرب الكائن لأجل التأديب أي بل الصادر ضرب لغيره. قوله: (ما أكرمت المسمى لتأديبه) أي: انتفى إكرامه لأجل تأديبه أي لأجل إن يتأدب وانتفت الإهانة لوجود المكافأة. قوله: (فسد المعنى المراد) أي: لأن المعنى حينئذ إكرام المسيء لأجل تأديبه منفي وإهانة المحسن لأجل مكافأته منفية وهذا لا ينافي أن الإكرام والإهانة ثبتا لغير ذلك، وهذا خلاف المعنى المراد لأن المعنى المراد انتفاء الإكرام المتعلق بالمسيء لأجل أن يتأدب وانتفاء الإهانة المتعلقة بالمحسن لأجل المكافأة، وقوله المعنى المراد أي، وأما المعنى في نفسه فهو صحيح غايته أنه خلاف المراد.
  قوله: (بنعمة) هي صفة ذات أي انتفى جنونك بسبب إرادة الله أو صفة فعل أي انتفى جنونك بسبب إنعام الله. قوله: (الباء) أي: من قوله بنعمة ربك، وأما الباء من بمجنون فهي صلة لأنها داخلة في الخبر. قوله: (يكون من نعمة الله) هذا مبني على ان الباء بمعنى من الابتدائية وقوله وليس في الوجود الخ مبني على أن الباء بمعنى من البيانية