حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

صفحة 34 - الجزء 3

  ضيف «زيد» بالكرم، فإن كان «زيد» هو الضيف احتمل الحال والتمييز، والأحسن عند قصد التمييز إدخال «مِنْ» عليه؛ واختلف في المنصوب بعد «حبّذا»، فقال الأخفش والفارسي والرَّبَعي: حال مطلقاً، وأبو عمرو بن العلاء تمييز مطلقاً، وقيل: الجامد تمييز والمشتق حال، وقيل: الجامد تمييز والمشتق إن أريد تقييد المدح به، كقوله [من البسيط]:

  ٧١٠ - يَا حَبَّذَا الْمَالَ مَبْذُولاً بِلا سَرَفٍ ... [في أوجه البر إسراراً وإعلانا]

  فحال، وإلا فتمييز، نحو: «حَبَّذا راكباً زيد».

  السابع: أن الحال تكون مؤكدة لعاملها، نحو: {وَلَّى مُدْبِرًا}⁣[النمل: ١٠]، {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا}⁣[النمل: ١٩]، {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}⁣[البقرة: ٦٠] وغيرها،


  والحال هنا مآلهما واحد وعلى أنه تمييز فهو تمييز نسبة مبين لجهة التعجب غير محول عن شيء ويصح أن يكون محولاً عن المضاف والأصل الله در فروسيته ثم حذف وأوصل الضمير بالدر فصار دره ثم أتى بفارساً بدل فروسيته.

  قوله: (كرم زيد ضيفاً) أصله كرم ضيف زيد فهو تمييز محول عن الفاعل. قوله: (الحال) أي: كرم زيد حال كونه ضيفاً أو من جهة كونه ضيفاً قوله: (والأحسن) أي: في المثال الثاني المحتمل للحال وللتمييز إذا قصدت التمييز أن تأتي بمن البيانية لأنها تدل على أن ما بعدها تمييز لا حال فحينئذ تقول من ضيف. قوله: (إدخال من عليه) أي: بأن يقال من ضيف قوله: (بعد حبذا) أي: حبذا زيداً قوله: (حال مطلقاً) أي: سواء كان جامداً أو مشتقاً نحو حبذا زيداً وحبذا راكباً أي أتعجب من حب هذا حال كونه مسمى بزيد أو حال كونه راكباً. قوله: (تمييز) أي: مبين لإبهام الذات أي مبين لاسم الإشارة الواقع فاعلاً وقوله مطلقاً أي جامد أو لا. قوله: (يا حبذا المال الخ) يا حرف تنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا هؤلاء وحب فعل ماض وذا فاعل والمال مخصوص ومبذولاً حال قصد به تقييد مدح المال بكونه مبذولاً من غير سرف. قوله: (وإلا فتمييز) أي: وإلا يرد تقييد المدح به بأن كان المراد المدح المطلق فهو تمييز. قوله: (حبذا راكباً زيد) حب فعل ماض وذا فاعل وراكباً تمييز مبين للفاعل ومؤيد مخصوص بالمدح أي العجب من حب هذا الراكب الذي هو زيد فليس القصد مدحه في حالة الركوب فقط.


٧١٠ - التخريج: البيت بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٨٦٢ (صدره فقط)؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٨٠٦).

اللغة: حبذا فعل لإنشاء المدح مبذولاً من البذل، وهو الإنفاق في وجوه الخير. السرف: مجاوزة الحد في الإنفاق في المباحات وإن كان في المحرمات فهو التبذير.

المعنى: نعم المال الذي ينفق منه الإنسان ويبذل فيه بلا تجاوز الحدود الله.