حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

صفحة 35 - الجزء 3

  ولا يقع التمييز كذلك، فأما {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}⁣[التوبة: ٣٦]، فـ «شهراً»: مؤكد لما فهم من {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} وأما بالنسبة إلى عامله وهو اثنا عشر فمبين، وأما ما اختاره المبرد ومَنْ وافقه من «نعم الرَّجُلُ رَجُلاً زيد» فمردود، وأما قوله [من الوافر]:

  ٧١١ - تَزَوَّدْ مِثلَ زَادِ أَبِيكَ فِينَا ... فَنِعْم الزَّادُ زَادُ أَبِيكَ زَادَا

  فالصحيح أن «زاداً» معمول لـ «تزود»: إما مفعول مطلق إنْ أُريد به التزود، أو مفعول به إن أريد به الشيء الذي يتزوَّده من أفعال البرّ، وعليهما فـ «مثل» نعت له تقدم فصار حالاً، وأما قوله [من البسيط]:


  قوله: (ولى مدبراً) أي: لأن معنى ولى أدبر فمعنى مديراً وهو الإدبار مستفاد من قوله ولى فقد صدق تعريف الحال المؤكدة عليه وهي التي استفيد معناها بدونها. قوله: (فشهراً مؤكد الخ) حاصل هذا أن شهراً مستفاد من المبتدأ وهو عدة لأنك إذا قلت إن عدة الشهر اثنا عشر يعلم من المبتدأ انها أشهر فهو مؤكد للمبتدأ أي بحسب الأصل وهو عدة، وأما بالنظر للخبر الذي هو عاملها وهو اثنا عشر في حد ذاته بقطع النظر عن المخبر عنه فلا يفهم منه التمييز وهي كونها أشهر، وحينئذ فهو مبين للعامل لا مؤكد له بخلاف الحال فإنها تكون مؤكدة للعامل.

  قوله: (من نعم الرجل) أي: من جوازه وقوله له فمردود أي لأنه لا: يجوز النكرة لا تبين المعرفة لأن التمييز مبين وهنا لا تبيين فلا يصح ذلك التركيب. قوله: (رجلاً زيد) أي: فهو أوقع رجلاً مؤكداً لعامله وهو الرجل قوله: (زادا) أي: فهو تمييز للزاد فقد ميز المعرفة بالنكرة فهو شاهد للمبرد فأجاب بقوله والصحيح الخ أي وإذا كان معمولاً لتزود فلا يكون مبيناً للنكرة فلا ينتج مدعي المبرد قوله: (فالصحيح الخ) أي: ومقابله أنه تمييز الفاعل نعم، وأما زاد أبيك فهو مخصوص بالمدح على كل حال. قوله: (نعت له) أي: لزاد فالأصل زاداً مثل زاد الخ. قوله: (فصار حالا) أي: مثل:

  لمية موحشا طللُ

  فالأصل طلل لمية موحشاً فموحشاً صفة لطلل فلما قدم عليها أعرب حالاً لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالاً وأعربت هي بحسب العوامل.


٧١١ - التخريج: البيت لجرير (في خزانة الأدب ٩/ ٣٩٤، ٣٩٩؛ والخصائص ١/ ٨٣، ٣٩٦؛ والدرر ٥/ ٢١٠؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٩؛ ص وشرح شواهد المغني. ص ٥٧؛ وشرح المفصل ٧/ ١٣٢؛ ولسان العرب ٣/ ١٩٨) (زود)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٠؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٦٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٦٢؛ والمقتضب ٢/ ١٥٠).

المعنى: يخاطب الشاعر ممدوحه ويدعوه للسير على خطى أبيه في الجود والعطاء اللذين عرف بهما.