حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثامن: أن يكون ثبوت ذلك الخبر للنكرة من خوارق العادة

صفحة 52 - الجزء 3

  ٧١٧ - الذُّنْبُ يَطْرُقُهَا فِي الدّهرِ وَاحِدَةً ... وَكُلَّ يَوْمِ تَرَانِي مُدْيَةٌ بِيَدِي

  وبهذا يعلم أن اشتراط النحويين وقوع النكرة بعد واو الحال ليس بلازم.

  ونظير هذا الموضع قولُ ابن عصفور في شرح الجمل: تكسر «إِنَّ» إذا وقعت بعد واو الحال، وإنما الضابط أن تقع في أول جملة حالية، بدليل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}⁣[الفرقان: ٢٠]. ومن روى «مدْيةً» بالنصب فمفعول لحال محذوفة، أي: حاملاً أو ممسكاً، ولا يحسن أن يكون بدلاً من الياء، ومثل ابن مالك بقوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}⁣[آل عمران: ١٥٤]، وقول الشاعر [من الطويل]:


  توجب العادة أن لا يخلو الحال من إضاءة نجم في السرى أي بل قد يخلو السرى من إضاءة نجم فصح الإخبار حينئذ. قوله: (يطرقها) أي: الغنم وقوله في الدهر أي في العمر مرة واحدة، وقوله وكل يوم أي فهي تخاف مني أكثر من خوفها منه لأنها كل يوم تراني ومعي مدية. قوله: (وكل يوم) بالنصب على الظرفية لإضافته للظرف. قوله: (مدية) مبتدأ والمسوغ للابتداء بالنكرة وقوعها أول جملة حالية.

  قوله: (وبهذا) أي: البيت وقوله ليس بلازم أي بل اللازم وقوعها في أول جملة حالية وإن لم تقترن بواو الحال قوله: (في أول جملة حالية) أي: سواء تقدمتها واو الحال أو لا. قوله: (ولا يحسن أن يكون بدلاً) أي: بدل اشتمال لأنه المتوهم وعدم الحسن لأن شرطه أن تتشوف النفس إليه وتفهمه أولاً من المبدل منه فهماً إجمالياً وهنا ليس كذلك لأنك لو قلت الغنم كل يوم تراني لم تتشوف النفس لذكر المدية. قوله: (بدلاً من الياء) أي: لأنه لا يحسن إبدال الظاهر من ضمير الحاضر إلا بشرط أن يكون بدل بعض كأعجبتني وجهك أو بدل اشتمال كأعجبتني كلامك أو بدل كل مفيد للإحاطة نحو قوله تعالى: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا}⁣[المائدة: ١١٤] ويمتنع إن لم يفدها خلافاً للأخفش أجاز رايتك زيداً وذكر أن الأولى ما علمته سابقاً في علة عدم الحسن، وقوله ولا يحسن أن يكون بدلاً الخ أي من الياء أي لأنه لا يصح هنا إلا بدل الاشتمال وضابطه وهو انتظار النفس للبدل غير موجود.


٧١٧ - التخريج البيت للحماسي في (تخليص الشواهد ص ١٩٦؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٩٨؛ وشرح الأشموني ١/ ٩٣؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٥٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٦٤).

اللغة: الطارق: القادم ليلاً. يطرقها: يأتيها ليلاً. المدية: السكين.

المعنى: إني من بيت كريم فحلالي تتمنى رؤية الذئب على رؤيتي، لكثرة ما أذبح منها للأضياف.