حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أقسام العطف

صفحة 59 - الجزء 3

  والثانية: «إِنَّ زَيْداً قَائم وعمرو» إذا قدرت «عمراً» معطوفاً على المحل، لا مبتدأ؛ وأجاز هذه بعضُ البصريين، لأنهم لم يشترطوا المحرز، وإنما منعوا الأولى لمانع آخر، وهو توارد عاملين «إن» والابتداء على معمول واحد وهو الخبر؛ وأجازهما الكوفيون، لأنهم لا يشترطون المحرز، ولأن «أنَّ» لم تعمل عندهم في الخبر شيئاً، بل هو مرفوع بما كان مرفوعاً به قبل دخولها؛ ولكن شَرَط الفراء لصحة الرفع قبل مجيء الخبر خفاء إعراب الاسم، لئلا يتنافر اللفظ؛ ولم يشترطه الكسائي، كما أنه ليس بشرط بالاتفاق في سائر مواضع العطف على اللفظ؛ وحجتهما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}⁣[المائدة: ٦٩] الآية، وقولهم: «إِنَّكَ وَزَيْد ذَاهِبَانِ». وأجيب عن الآية بأمرين:

  أحدهما: أن خبر «إن» محذوف أي مأجورون أو آمنون أو فرحون، والصابئون مبتدأ،


  وأما الثاني فالعطف للمرفوع بعد الاستكمال. قوله: (على المحل) أي: محل زيد وقوله لا مبتدأ أي ويكون من عطف الجمل. قوله: (وهو توارد الخ) أي: بخلاف المسألة الثانية فإن العامل في عمرو الابتداء الذي كان والعامل في خبر عمرو المحذوف الابتداء الذي عمل في نفس عمرو فلم يرد على قائم المقدر إلا عامل واحد وهو الابتداء الذي كان. قوله: (وهو الخبر) أي: لأن قائمان خبر عن زيد وعن عمرو العامل فيه نظر الزيدان والعامل فيه نظراً لعمرو الابتداء المؤثر في عمرو هذا كله بناءً على أن المبتدأ والخبر العامل فيهما الابتداء لا على المشهور وهو أن الرفع للمبتدأ الابتداء وللخبر المبتدأ، وأما عليه فالعاملان أن وعمرو وهو المبتدأ ويمكن أن يمشي المصنف عليه فقوله والابتداء أي وذو الابتداء.

  قوله: (لأنهم لا يشترطون المحرز) تصحيح للمسألتين وقوله ولأن ان لم تعمل الخ أي فصحت المسألة الأولى. قوله: (الفراء) هو كوفي قوله: (لصحة الرفع) أي: لصحة عطف المرفوع على محل اسم إن قبل الاستكمال قوله: (خفاء إعراب الاسم) أي: بأن كان مبنياً نحو إن هذا وعمرو ذاهبان أو يكون منصوباً بحركة مقدرة نحو إن موسى وعمرو قائمان. قوله: (لئلا يتنافر اللفظ) أي: لو لم يكن خفياً إعرابه. قوله: (وحجتهما) أي: الفراء والكسائي في عطف المرفوع على المنصوب قبل مجيء الخبر لأنهما اتفقا على ذلك، وإن كان الفراء زاد شرطاً وما ذكر فيه حجة للفراء في اشتراط الشرط لأن الذي سمع في القرآن والأمثلة فيه خفاء إعراب الاسم مثل إنك وزيد ومثل الآية فإن الاسم مبني. قوله: (وأجيب) أي من طرف البصريين. قوله: (أي مأجورون الخ) أما آمنون فلدلالة لا خوف عليهم، وأما فرحون فلدلالة ولا هم يحزنون، وأما مأجورون فالأولى حذفه لأن هذه الآية التي فيها الصابئون في المائدة وليس فيها فلهم أجرهم. قوله: (والصابئون مبتدأ الأولى ان المبتدأ والذين هادوا ليكون مخصصاً بقوله من آمن الخ فالذين