والثالث: العطف على التوهم
  النميمة، والمنمل: الكثير النميمة، والمُنمش: المفسد ذات البين.
  وكما وقع هذا العطف في المجرور وقع في أخيه المجزوم، ووقع أيضاً في المرفوع اسماً، وفي المنصوب اسماً وفعلاً، وفي المركبات.
  فأما المجزوم فقال به الخليل وسيبويه في قراءة غير أبي عمرو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ}[المنافقون: ١٠]، فإن معنى: «لولا أخرتني فأصدق»، ومعنى «إِنْ أخرتني أَصَّدَّق واحد؛ وقال السيرافي والفارسي: هو عطف على محلّ «فأصدق»، كقول الجميع في قراءة الأخوين {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ}[الأعراف: ١٨٦] بالجزم؛ ويرده أنهما يُسَلِّمان أن الجزم في نحو «ائتِنِي أُكْرِمْكَ» بإضمار الشرط،
  نيرب على توهم دخول الباء على المعطوف عليه قوله: (ذات البين) أي: الحالة صاحبة البين أي التي تكون بين الناس كالصحبة قوله: (كما وقع هذا العطف) أي: العطف على التوهم. قوله: (وقع في أخيه) إنما جعله أخاه لأنه نظيره في كونه مختصاً بقبيل فالجر مختص بالاسم والجزم مختص بالفعل.
  قوله: (ومعنى إن أخرتني أصدق الخ) أي: فأكن عطف على أصدق على توهم دخول ان فهو عطف عليه باعتبار المعنى لأن أصدق في المعنى جواب الشرط. قوله: (واحد) أراد اتحادهما عرفاً وإنما كانا واحداً، وإن كان الشرط لا يدل على الطلب وضعا بخلاف التحضيض لأن الشرط دال هنا بقرينة وهي أنه لما كان التصدق أمراً محبوباً وقد علق على التأخير فليكن المراد الطلب، فحينئذ استوى معنى التركيبين في الدلالة على الطلب، وإن كان أحدهما وضعا والآخر بقرينة قوله: (عطف على محل فأصدق) أي: لأنه في محل جزم جواب لشرط مقدر أي أن تؤخرني إليه أصدق. قوله: (الأخوين) أي: حمزة والكسائي. قوله: (ويذرهم) عطف على محل قوله فلا هادي له والعطف في الآيتين على جواب الشرط، وإن كان الشرط في الآية الأولى مقدراً وفي الثانية محققاً. قوله: (ويرده) أي: يرد كون العطف هنا على المحل لا على التوهم، وقد ذكر الدماميني هنا كلاماً رد به كلام المصنف لكن آل إلى العطف على المعنى فلا وجه للرد فانظره تعلمه اهـ تقرير دردير. قوله (ويرده الخ) حاصل الرد أنه إذا وجدت الفاء بعد الطلب فالفعل منصوب بأن مضمرة وإذا سقطت الفاء وقصد الجزاء فيجزم الفعل بشرط مقدر وإذا كان الشرط حالة سقوط الفاء ملحوظاً فليكن الشرط حالة وجود الفاء ملاحظاً لكن على سبيل التوهم لا على سبيل التحقيق وإنما لم يكن ملاحظاً تحقيقاً لأن الفاء تقتضي أنها من عطف المفردات كما أشار لذلك بقوله فليست الفاء الخ أي خلافاً لهما حيث زعما أن الشرط مقدر تحقيقاً اهـ تقرير دردير.
  قوله: (إنهما) أي: السيرافي والفارسي. قوله: (في نحو الخ) أي: وهو ما إذا سقطت الفاء بعد الطلب وقصد الجزاء. قوله: (بإضمار الشرط) أي: لسقوط الفاء أي