حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أقسام العطف

صفحة 66 - الجزء 3

  فليست الفاء هنا وما بعدها في موضع جزم، لأن ما بعد الفاء منصوب بـ «أن» مُضْمَرة، و «أن» والفعل في تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهم مما تقدم، فكيف تكون الفاء ذلك في موضع الجزم؟ وليس بين المفردين المتعاطفين شرط مقدر؛ مع ويأتي القَوْلانِ في قول الهذلي [من الوافر]:

  فَأَبْلُونِي بَلِيَّتَكُمْ لَعَلي ... أُصالِحُكُمْ وَأَسْتَدْرِجُ نَوَيَّا

  أي: نَوايَ. وكذلك اختُلِفَ في نحو: «قام القوم غير زيد وعمراً» بالنصب، والصواب أنه على التوهم، وأنه مذهب سيبويه، لقوله لأن «غير زيد» في موضع «إلا زيداً» ومعناه، فشبهوه بقولهم [من الوافر]:

  ٧٢٩ - [مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَر فأَسْجِجُ]، ... فَلَسْنَا بِالجِبَالِ وَلَا الحَدِيدَا


  وحينئذ فليكن الجزم بعد الفاء على تقرير شرط متوهم لا محقق فليست الخ فالفاء مفرعة على محذوف قوله: (معطوف على مصدر متوهم) أي: لهما أن لا يجعلا المصدر محذوفاً بل هو خبر محذوف والجملة جواب شرط مضمرة والفعل معطوف عليه والتقدير إن تؤخرني فتصديقي ثابت فأكن فالفاء رابطة للجواب. قوله: (فكيف تكون الفاء مع ذلك) أي: ما بعدها وقوله وليس الخ. قوله: (القولان) أي: قول الفارسي والسيرافي في العطف على المحلي وقول سيبويه والخليل إن العطف على التوهم قوله: (لعلي) جواب الطلب أعني قوله قابلوني أي أعطوني فهو على تقدير الفاء فلعلي أصالحكم، وقوله وأستدرج بالجزم عطف على التوهم أي إن تبلوني أستدرج أو عطف على محل الجملة أعني لعلي أصالحكم فإنها في محل جزم على قول الفارسي جواباً لشرط مقدر أي إن تبلوني لعلي أصالحكم قوله: (بفتح الواو) ولذا أشار المصنف بقوله أي نواي فقلبت الألف ياء وأدغمت الياء في الياء والنواجهة السفر. قوله: انه على التوهم أي: توهم ان إلا داخلة على المعطوف عليه وهو زيد قوله: (وإنه مذهب سيبويه) أي: والصواب: أنه مذهب سيبويه خلافاً لمن قال إن هذا عطف على المحل لأن غير زيد خل محل الأزيد وأنسب هذا السيبويه قوله: (فلسنا بالجبال) صدره:


٧٢٩ - التخريج: البيت لعقبة أو لعقيبة الأسدي في (الإنصاف ١/ ٣٣٢؛ وخزانة الأدب ٢/ ٢٦٠؛ و سرح صناعة الإعراب ١/ ١٣١، ٢٩٤؛ وسمط اللآلي ص ١٤٨، ١٤٩؛ وشرح أبيات سيبويه ص ٣٠٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٧٠؛ والكتاب ١/ ٦٧؛ ولسان العرب ٥/ ٣٨٩ (غمز)؛ ولعمر بن أبي ربيعة في الأزمنة والأمكنة ٢/ ٣١٧؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤/ ٣١٣؛ وأمالي ابن الحاجب ص ١٦٠؛ ورصف المباني ص ١٢٢، ١٤٨؛ والشعر والشعراء ١/ ١٠٥؛ والكتاب ٢/ ٢٩٢، ٣٤٤، ٣/ ٩١؛ والمقتضب ٢/ ٣٣٨، ٤/ ١١٢، ٣٧١).

اللغة: اسجح: ارفق وتلطف، أو اعطف.

المعنى: يا خليفة المسلمين معاوية، اعطف على رعيتك فإنهم بشر مثلك يتألمون من الظلم =