حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أقسام العطف

صفحة 75 - الجزء 3

  الإذن في الاعتذار، وقد نُهُوا عنه في قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ}⁣[التحريم: ٧] فلا يتأتى العذر منهم بعد ذلك، وزعم ابن مالك بدرُ الدّين أنه مستأنف بتقدير: فهم يعتذرون، وهو مشكل على مذهب الجماعة لاقتضائه ثبوت الاعتذار مع انتفاء الإذن كما في قولك ما تؤذينا فنحبُّك بالرفع، ولصحة الاستئناف يُحْمَل ثبوتُ الاعتذار مع مجيء {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} على اختلاف المواقف، كما جاء {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ٣٩}⁣[الرحمن: ٣٩]، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}⁣[الصافات: ٢٤]، وإليه ذهب ابن الحاجب؛ فيكون «بمنزلة ما تأتينا فتجهل أمورنا»، ويرده أن الفاء غير العاطفة للسببية، ولا يتسبب الاعتذار في وقتِ عن نفي الإذن فيه في وقت آخر؛ وقد صح الاستئناف بوجه آخر يكون الاعتذار معه منفيّاً، وهو ما قدمناه ونقلناه عن ابن خروف من أن المستأنف قد يكون على معنى السببية؛ وقد صرَّح به هنا الأعْلَمُ، وأنه في المعنى مثل


  الاعتذار وهم لا يعتذرون لكونهم نهوا عنه يوم القيامة. قوله: (نفي الإذن في الاعتذار) ظاهر من قوله لا يؤذن. قوله: (وقد نهوا عنه) أي: عن الاعتذار أي ومن نهي أي: وهو عن شيء يوم القيامة فهو منفي فلا يتأتى العذر منهم اهـ تقرير دردير. قوله: (بتقديم فهم يعتذرون) أي والإذن منفي والاعتذار ثابت قوله: (على مذهب الجماعة) أي: جماعة المفسرين القائلين أن كلاً من الإذن والاعتذار منفي قوله: (ولصحة الاستئناف الخ) أي: ويحتمل ثبوت الاعتذار الذي قصده بدر الدين لأجل صحة الاستئناف على اختلاف الخ، وقوله مع مجيء متعلق ويحتمل، وقوله على اختلاف كذلك ومتعلق ويحتمل وقوله ولصحة الخ جواب عن ابن مالك وحاصله أن ما ذكره الجماعة من انتفاء الأمرين، وهذا بالنظر ببعض المواقف وهذا لا ينافي اعتذارهم في بعض آخر. قوله: (على اختلاف المواقف) أي: أن المواقف تختلف يوم القيامة فتارة لا يؤذن لهم في الاعتذار فلا يعتذرون وتارة يؤذن لهم فيعتذرون وتارة لا يسأل أحد عن ذنبه وتارة يسأل كل أحد.

  قوله: (وإليه ذهب ابن الحاجب) أي: إلى كون فيعتذرون مستأنفاً بتقدير فهم ذهب ابن الحاجب اعترضه الدماميني بأن ابن الحاجب ذكرة وضعفه وحينئذ فلا يصح نسبته لابن الحاجب وإنما ضعفه لما يلزم عليه من عدم الصحة وهو كون الاعتذار مرتباً على عدم الإذن فلا يصح حمل القرآن عليه إلا أن يقال لعل المصنف أطلع على عبارة لابن الحاجب في بعض كتبه مطلقة لم يقل فيها وهو ضعيف وإن ضعفه في بعض كتبه تأمل. قوله: (أن الفاء غير العاطفة) أي: كما هنا وأما العاطفة فتأتي للسببية ولغيرها. قوله: (ولا يتسبب الخ) أي: فكيف يصح الحمل على اختلاف الموقف فالاعتراض على ابن مالك ما زال باقياً. قوله: (وقد صح الخ) ان الاستئناف بمعنى القطع لم يصح. وقد صح الاستئناف الخ الذي وهو مذهب ابن خروف. قوله: (قد يكون على السببية) في نسخة قد يكون منفياً على السببية. قوله: (وإنه في المعنى الخ) أي: انتفى الاعتذار لانتفاء الإذن فتحصل أن