حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أقسام العطف

صفحة 76 - الجزء 3

  {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}⁣[فاطر: ٣٦] ورده ابن عصفور بأن الإذن في الاعتذار قد يَحْصُل ولا يحصُلُ اعتذار، بخلاف القضاء عليهم، فإنه يتسبب عنه الموت جَزْماً، ورَدَّ عليه ابنُ الضائع بأن النصب على معنى السببية في «ما تأتينا فتحدّثنا» جائز بإجماع، مع أنه قد يحصل الإتيان ولا يحصل التَّحديثُ، والذي أقول: إن مجيء الرفع بهذا المعنى قليل جدا، فلا يحسنُ حَمْلُ التنزيل عليه.

  تنبيه - «لا تأْكُلْ سَمَكاً وَتَشْرَب لَبَناً» إن جزمت فالعطف على اللفظ والنهي عن كل منهما؛ وإن نصبتَ فالعطفُ عند البصريين على المعنى والنهي عند الجميع عن الجمع، أي: لا يكن منك أكل سمك مع شُرْبِ لبن؛ وإن رفعت فالمشهور أنه نَهْي عن الأول وإباحة للثاني، وأن المعنى: ولك شُرْبُ اللبن، وتوجيهه أنه مستأنف، فلم يتوجه إليه حرف النهي؛ وقال بدر الدين بن مالك: إن معناه كمعنى وجهِ النَّصب، ولكنه على تقدير لا تأكل السمك وأنت تشرب اللبن، اهـ. وكأنه قَدَّرَ الواو للحال، وفيه بغد، لدخولها في اللفظ على المضارع المثبت، ثم هو مخالف لقولهم؛ إذ جعلوا لكلِّ من أَوجه الإعراب معنى.


  قوله لا يؤذن الخ إما رفعه للتناسب وإما لمجرد العطف وإما للاستئناف على معنى السببية. قوله: (ورده) أي: رد قوله وانه مثل لا يقضي الخ وحاصل الرد أنا لا نسلم المثلية؛ لأن السبب في قوله لا يؤذن الخ غير مساو بخلافه في قوله لا يقضي الخ فإنه مساو فلا تتم المثلية وحاصل ما رد به ابن الضائع أنه لا يشترط أن يكون السبب مساوياً فصح قوله مثل يقضي الخ لوجود مطلق السببية فالمدار على تسبب الثاني على الأول. قوله: (والذي أقول الخ) هذا رد لقوله وقد صح استئناف بوجه آخر والحاصل أن ثبوت النون في يعتذرون إما للتناسب أو للعطف على اللفظ ويحتمل على الاستئناف بتقدير مبتدأ كما قال ابن مالك ولا على الاستئناف على معنى السببية وانتفاء الثاني لانتفاء الأول لقلته. قوله: (عند الجميع) من البصريين وغيرهم لأن الواو للمعية فهي معية للجمع أي: سواء كان العطف على المعنى كما قال البصريون أم لا. قوله: (مع شراب لبن) أي: والتفريق جائز.