حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

عطف الخبر على الإنشاء، وبالعكس

صفحة 78 - الجزء 3

  واستدل الصفار بهذا البيت وقوله [من الطويل]:

  وَقَائِلةِ خَوْلانُ فانْكِحُ فَتاتَهُمْ ... [وَأُكْرُومَةُ الْحَيَّيْنِ خِلْوْ كَمَا هِيَا]

  فإن تقديره عند سيبويه: هذه خولان.

  وأقول: أما آية البقرة فقال الزمخشري: ليس المعتمد بالعطف الأمر حتى يُطلب له مشاكل بل المراد عطف جملة ثَواب المؤمنين على جُملة عذاب الكافرين، كقولك: «زَيْدِ يُعَاقَبُ بِالْقَيْدِ وَبَشِّرْ فلاناً بالإطلاق»، وجوز عطفه على {اتَّقُوا}، وأتم كلامه من في الجواب الأول أن يقال: المُعْتَمد بالعطف جملة الثواب كما ذكر، ويزاد عليه فيقال: والكلام منظور فيه إلى المعنى الحاصل منه، وكأنه قيل: والذين آمنوا


  يحبه ويعجبه. قوله: (أماقيك) هذا هو الشائع على الألسن والذي في الشراح مآقيك جميع موق وهو طرف العين مما يلي الأنف. قوله: (هذه خولان) أي: فهي جملة خبرية عطف عليها الإنشاء بقوله: فانكح وتمام البيت:

  وأكرومة الحيين خلو كما هيا

  قوله: (وأقول) أي: في رد الاستدلال للجواز بهذه الآيتين والشواهد. قوله: (ليس المعتمد) أي: ليس المراد وقوله بلى المراد عطف جملة ثواب ليس المراد جملة الإنشاء وجملة الخبر بل المراد أنه عطف جملة المعنى المتحصل من الجملة الثانية على جملة المعنى المتحصل من الأولى أي: أن المراد ضم معنى الكلام المقيد للثواب على المعنى المفيد للعقاب وإنما لم نرد بالجملة الجملة الإنشائية والخبرية لأنا لو أردناه لكان فيه دليل على القائل بالجواز مع أن المراد الرد عليه قوله: (عذاب الكافرين) أي: فكأنه قيل الذين كفروا أعدت لهم النار والذين آمنوا أعدت لهم الجنة فبشر عطف على أعدت لكن نظر لعطف المعنى على المعنى فلم يكن حينئذٍ عطف إنشاء على إخبار بل خبر على خبر هذا حاصل ما نسبه السيد لكلام الزمخشري. قوله: (كقولك زيد الخ) أي: فالقصد أن فلاناً حاله شيء وفلاناً حاله حسن فقد عطف جملة هذا المعنى على جملة هذا المعنى. قوله: (وجوز الخ) هذا جواب ثانٍ فهو عطف إنشاء على إنشاء قوله: (ويزاد عليه الخ) فيه أنه لا زيادة وأن مراد الزمخشري بجملة ثواب المؤمنين المعنى المتحصل منها فهو وعطف لمعنى المعطوف وأما إن حمل كلام الزمخشري على نفس الجملة كان صريحاً في عطف الإنشاء على الخبر فينافي غرض المصنف. قوله: (ويزاد عليه الخ) فيه أن هذا هو مراد الزمخشري أي: أن العطف إنما هو جملة معنى على جملة المعنى لا جملة الكلام فإن كنت أيها المصنف أردت أن المراد بالجملة في كلام الزمخشري الجملة الإنشائية والجملة


المعنى: كانت المرأة تدلل صبياً حسن المنظر أمام منزل بن عامر وتطلب منه أن يستعمل حجر الإثمد لتكحيل عينيه.