حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

عطف الخبر على الإنشاء، وبالعكس

صفحة 79 - الجزء 3

  وعَمِلُوا الصالحات لهم جَنَّاتٌ، فبشرهم بذلك؛ وأما الجواب الثاني ففيه نظر، لأنه لا يصح أن يكون جواباً للشرط؛ إذ ليس الأمر بالتبشير مشروطاً بعجز الكافرين على الإتيان بمثل القرآن، ويُجاب بأنه قد عُلم أنهم غير المؤمنين، فكأنه قيل: فإن لم يفعلوا فبشر غيرهم بالجنّات، ومعنى هذا فبشِّر هؤلاء المُعَانِدين بأنه لا حَظِّ لهم في الجنة.

  وقال في آية الصف: إن العطف على {تُؤْمِنُونَ} لأنه بمعنى «آمنوا»، ولا يقدح في ذلك أن المُخَاطَب بـ «تؤمنون» المؤمنون، وبـ «بشر» النبي عليه الصلاة والسلام، ولا أن يُقال في {تُؤْمِنُونَ}: إنه تفسير لـ «التجارة» لا طَلَب، وإن {يَغْفِرْ لَكُمْ} جواب


  الخبرية فكلام الزمخشري لا يرد حينئذ على من قال بالجواز فالحق أن الأولى حذف قوله ويزاد الخ.

  قوله: (لأنه لا يصح أن يكون جواباً) حاصل هذا النظر أنه لو عطف على اتقوا لكان جواباً للشرط، لأن العطف على الجواب جواب وهذا لا يصلح أن يكون جواباً؛ لأنه لا يتسبب عن الشرط حتى يكون جواباً إذ المعنى فإن عجزوا فبشر الخ فيكون التبشير مسبباً عن العجز المذكور. قوله: (ويجاب الخ) الذي أجاب به السعد عن الزمخشري أنه جواب في الظاهر وإن كان الجواب محذوفاً والمذكور مترتب على الجواب المحذوف أي: وإن لم تفعلوا أيها الكفار فاعلموا أنه رسول بحق وحينئذ فاتقوا النار أي: لا تفعلوا الأفعال الموجبة للنار وبشر المؤمنين بأن لهم الجنة وهذا الجواب أظهر اهـ تقرير دردير. قوله: (قد علم أنهم) أي: العاجزين عن الإيمان. قوله: (ومعنى هذا) أي: بطريق التعريض والتلويح؛ لأنه إذا قيل فبشر غيرهم بالجنات ملوحاً للكفار صار المعنى فبشر هؤلاء المعاندين الخ فصار قوله وبشر الذين آمنوا عطفاً على المعنى التلويحي وهو قوله فبشر هؤلاء المعاندين فمحصله أن قوله بشر عطف على اتقوا أي عطف على معناه التلويحي. قوله: (لا حظ لهم من الجنة) أي ما داموا على عنادهم قوله: (وقال) أي: الزمخشري. قوله: (لأنه بمعنى آمنوا) أي: فهو عطف إنشاء على إنشاء وتكون جملة تؤمنون استئناف جواب سؤال ثان قوله لأنه بمعنى آمنوا أي ما داموا على عنادهم. قوله: (وقال) أي: الزمخشري. قوله: (لأنه بمعنى آمنوا) أي: فهو عطف إنشاء على إنشاء وتكون جملة تؤمنون استئناف جواب سؤال ثان قوله: (لأنه بمعنى آمنوا) أي: ويكون يغفر مجزوماً في جواب الطلب لا في جواب الاستفهام قوله: (لأنه بمعنى آمنوا) أي: فلذا جزم المضارع في جوابه وهو يغفر ثم عطف على الطلب أعني تؤمنوا بشر فهو عطف إنشاء على إنشاء. قوله: (ولا يقدح في ذلك) أي: العطف هذا من كلام المصنف لا من كلام الزمخشري. قوله: (يبشر النبي عليه الصلاة والسلام) أي: فقد اختلف الفاعل في الطلبين فلا يصح العطف وجواب المصنف بأنا لا نسلم شرط اتحاد الفاعل بل يجوز اختلافه.