حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

عطف الخبر على الإنشاء، وبالعكس

صفحة 80 - الجزء 3

  الاستفهام تنزيلاً لسبب السبب منزلة السبب كما مرَّ في بحث الجمل المفسرة؛ لأن تخالف الفاعلين لا يقدح، تقول: قوموا وأقْعُدُ يا زيد»، ولأن {تُؤْمِنُونَ} لا يتعيَّن للتفسير، سَلَّمنا، ولكن يحتمل أنه تفسير مع كونه أمراً، وذلك بأن يكون معنى الكلام السابق اتَّجِرُوا تجارةً تُنْجِيكم من عذاب أليم كما كان {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}⁣[المائدة: ٩١] في معنى: انْتَهُوا، أو بأن يكون تفسيراً في المعنى دون الصناعة؛ لأن الأمر قد يُساق لإفادة المعنى الذي يَتَحَصَّل من المفسرة، يقول: هل أدلك على سبب نجاتك؟ آمِنْ بالله، كما تقول: هو أن تؤمن بالله وحينئذ فيمتنع العطفُ، لعدم دخول التبشير في معنى التفسير.

  وقال السكاكي: الأمران معطوفان على «قُلْ» مقدَّرة قبل {يَاأَيُّهَا}، وحَذْفُ القول كثير؛ وقيل: معطوفان على أمر محذوف تقديره في الأولى: فأنذر، وفي الثانية: فأبشر، كما قال الزمخشري في {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}⁣[مريم: ٤٦]: إن التقدير: فاخذرْنِي واهجرني،


  قوله: (لا طلب) إذ الطلب لا يقع تفسير، أي: فلا عطف وبشر عليه قوله: (وان يغفر لكم جواب الخ) هذا جواب من القادح عن اعتراض وارد عليه وحاصله أنه إذا كان تؤمنون تفسيراً للتجارة فكيف يصح الجزم في جوابه أي: الاستفهام أنه لا يترتب عليه وحاصل الجواب عنه أن الدلالة على التجارة سبب للإيمان الذي هو سبب في الغفران فقد نزل سبب السبب الذي هو الدلالة على التجارة منزلة السبب الذي هو الإيمان؛ لأن الإيمان سبب للغفران أي: وحيث نزلنا فكأنه سبب له فلذا جزم في جواب الاستفهام. قوله: (لأن تخالف الفاعلين) هذا رد للقدح الأول وقوله؛ لأن الخ رد للقدح الثاني. قوله: (سلمنا أي: أنه تفسير وقوله لكن يحتمل الخ، أي: فقد اتفق المفسر والمفسر في أنهما طلب؛ لأن الطلب لا يفسر إلا مثله ويكون تفسيراً صناعياً. قوله: (أو بأن يكون تفسيراً في المعنى) أي: ولا تؤول قوله تجارة باتجروا قوله: (لعدم دخول الخ) أي: فلو عطف وبشر على تؤمنون لكان قوله وبشر تفسيراً لأن المعطوف على المفسر مفسر فيفيد أن التجارة مفسرة بالإيمان وبالتبشير وليس كذلك قوله: (وحينئذ فيمتنع العطف الخ) الأولى ثم يمتنع العطف؛ لأن هذا لا يتفرع على ما قبله وإنما هو استدراك عليه. قوله: (الأمران) أي: بشر في آية البقرة وآية الصف وقوله قبل يا أيها: أي يا أيها الناس اعبدوا ربكم في البقرة، ويا أيها الذين آمنوا هل أدلكم في الصف وعلى هذا القول والذي بعده فهو عطف إنشاء على إنشاء.

  قوله: (وقيل معطوفان على أمر) أي: مقدر قيل بشر في الآيتين أي: وفتح قريب فأبشر يا محمد في نفسك وبشر المؤمنين والفاء في الأمر لمجرد السببية وفي آية البقرة أعدت للكافرين فأنذر الكفار من النار السابقة، يا محمد بشر الذين آمنوا. قوله: (إن التقدير فاحذرني) مقدر قبل قوله واهجرني أي: لئن لم تنته عن التعرض لآلهتي وتعيبها