المسألة الثالثة: في محله
  والثالث معنوي أيضاً، وهو الاختصاص، وكثير من البيانيين يقتصر عليه؛ وذكر الزمخشري الثلاثة في تفسير {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[البقرة: ٥] وغيرها، فقال: فائدته الدلالة على أن الوارِدَ بعده خبر لا صفة، والتوكيد وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره.
المسألة الثالثة: في محله.
  زعم البصريون أنه لا محلّ له، ثم قال أكثرهم: إنه حَرْفٌ، فلا إشكال، وقال الخليل: اسم ونظيره على هذا القول أسماء أفعال فيمن يراها غير معمولة لشيء، و «أل» الموصولة. وقال الكوفيون: له محل؛ ثم قال الكسائي: محله بحسب ما بعده.
  ولأجل هذه الفائدة قوله: (الاختصاص) أي: قصر الحكم على المذكور ونفيه عما عداه. قوله: (يقتصر عليه) أي: على هذا الأمر في فائدته قوله: (وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة الخ) قد بحث في هذه الفائدة الثالثة السعد، وقال لا نسلم هذه الفائدة إلا لو كان نحو قولك زيد هو أفضل من عمرو مما الخبر فيه نكرة يفيد الحصر أنه لا يفيد، وأما ما ذكره من الآية فقد يقال إن الحصر جاء من تعريف الطرفين لأن الجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر اهـ تقرير دردير قوله: (إنه حرف) أي: وتسميته بضمير مجازاً نظراً للصورة ومن أجل كون صورته صورة الضمير ثني وأفرد وجمع.
  قوله: (وقال الخليل) هو بصري وقوله ونظيره الخ جواب سؤال وارد عليه وحاصله ان كل اسم لا بد له من محل فكيف نقول إنه اسم ولا محل له من الإعراب فأجاب عنه المصنف بأن الكلية ليست مسلمة بل بعضها لا محل له كأسماء الأفعال وأل الموصولة واعتراضه الدماميني بأن هذا الجواب إنما زاد الإشكال ولم يدفعه لأنه يقال أيضاً كيف تكون أسماء الأفعال أسماء ولا محل لها، وكذا يقال في أل وأجاب الشمني بأن المصنف ليس مراده الجواب بل التنظير وحاصله أن الخليل يقول بالاسمية ولا محل لها ولا يستبعد كلامه لأن لذلك نظيراً كأسماء الأفعال ولكن هذا جواب لا يرد شيئاً تأمل. قوله: (فيمن يراها الخ) أي: وبعضهم يجعلها مبتدأت أغنى مرفوعها عن الخبر وبعضهم جعلها مفعولات مطلقة قوله: (وأل الموصولة) أي: بناءً على أنها اسم والأولى حذفه لأن إعرابها على هذا القول نقل لما بعدها لكونها على صورة الحرف فحينئذ لها محل تأمل اهـ تقرير دردير قوله: (بحسب ما بعده) اعترض بأنه يقتضي أن يكون تابعاً لما بعده ولم يعهد في التوابع أن تكون تابعة لما بعدها لما قبلها تأمل. قوله: (بحسب ما قبله) أي: لأن ضمير الرفع يؤكد الضمير الذي قبله المرفوع والمنصوب والمجرور تقول من نفسك أنت ومررت بك أنت فهو مؤكد لما قبله لأن ضمير الفصل عنده ضمير رفع ولا غرابة في توكيد ضمير الرفع للضمير المجرور والمنصوب لكن يرد على هذا شيء وهو أنه إذا تقدمه اسم ظاهر لا يصح أن يكون مؤكداً له لأن الضمير لا يؤكد الظاهر عند الجمهور ومنهم الفراء.