حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أم) - على أربعة أوجه:

صفحة 123 - الجزء 1

  تقع بعده، ومسبوقة باستفهام بغير الهمزة، نحو: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}⁣[الرعد: ١٦].

  ومعنى «أم» المنقطعة الذي لا يفارقها الإضراب، ثم تارة تكون له مجرداً، وتارة تتضمن مع ذلك استفهاماً طلبيّاً.

  فمن الأول: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}⁣[الرعد: ١٦]. أما الأولى فلأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وأما الثانية فلأنَّ المعنى على الإخبار عنهم باعتقادِ الشركاء، قال الفراء: يقولون «هل لك قِبَلَنَا حَقٌّ أم أنت رجل ظالم»، يريدون: بل أنت.

  ومن الثاني: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ٣٩}⁣[الطور: ٢٩] تقديره: بل أله البنات ولكم البنون؛ إذ لو قدرت للإضراب المحض لزمَ المُحَالُ.

  ومن الثالث قولهم: «إِنَّهَا لإبل أم شاء» التقدير: بل أهي شاء.


  (ومسبوقة باستفهام بغير الهمزة) محل جواز ذلك ما لم يغن ذلك الاستفهام عنها فلا يجوز من ضربت أم ضربت زيداً لاندراج ما بعدها فيما قبلها ويجوز من ضربت أم شتمت زيداً. قوله: (ومعنى أم المنقطعة) بالجر صفة لأم. قوله: (الذي لا يفارقها) في محل رفع صفة لمعنى والإضراب خبر لمعنى قوله: (مجرد) أي عن الاستفهام. قوله: (تتضمن مع ذلك) أي: الإضراب. قوله: (أو استفهاماً طلبياً) أي: حقيقياً فهذه ثلاثة أقسام وقوله طلبياً أي: لطلب الفهم. قوله: (فمن الأول) وهو ما تكون فيه أم للإضراب المجرد. قوله: (أما الأولى) أي: أما أم الأولى وهي أم هل تستوي: أي: أما بيان إن أم الأولى للإضراب المجرد قوله: (فلان الاستفهام الخ) أي: أنا لا نجعلها أي أم متضمنة زيادة على الاضراب الاستفهام وإلا لدخل الاستفهام على الاستفهام؛ لأن المعنى حينئذ، بل أهل تستوي أي ودخول الاستفهام على مثلة ممنوع إذ لا معنى له. قوله: (وأما الثانية) أي: وهي جعل الله الخ. قوله: (باعتقاده الشركاء) أي: فالجعل بمعنى الاعتقاد أي: لا الاستفهام عن ذلك ولا مانع من جعلها متضمنة للاستفهام التوبيخي ففيه مع الإخبار بإشراكهم إفادة توبيخهم وهو أولى من جعلها لمجرد الإضراب اهـ دماميني. قوله: (يقولون) أي: العرب وقوله هل لك قبلنا أي جهتنا قوله: (يريدون بل أنت) أي ولا يصح تضمينها الاستفهام لظلم المخاطب قطعاً. قوله: (ومن الثاني) أي: وهو ما تضمنت فيه مع الإضراب الاستفهام الإنكاري.

  قوله: (لزم المحال) أي: وهو ثبوت البنات له تعالى قوله: (ومن الثالث) أي: وهو ما تضمنت فيه أم مع الإضراب الاستفهام الحقيقي قوله: (إنها لإبل) أخبر عن الأشباح المرئية له على بعد بأنها إبل، ثم شك في كونها شاء فأضرب عن الأول وسأل عن