حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثالث: الجملة الموصول بها الأسماء

صفحة 125 - الجزء 3

  يقدروا في رحمتك، كقوله [من الطويل]:

  ٧٤٧ - وَأَنْتَ الَّذِي أَخْلَفْتَنِي مَا وَعَدْتَنِي ... [وَأَشْمَتْ بِي مَنْ كَانَ فِيكَ يَلُومُ]

  وكأنهم كرهوا بناء قليل على قليل؛ إذ الغالب «أنتَ الَّذِي فَعَلَ» وقولُهم: «فَعَلْتَ» قليل، ولكنه مع هذا مَقِيسٌ؛ وأما «أنتَ الَّذِي قَامَ زَيْدٌ» فقليلٌ غيرُ مقيس، وعلى هذا فقول الزمخشري في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}⁣[الأنعام: ١] إنه يجوز كون العطف بـ «ثم» على الجملة الفعلية ضعيف؛ لأنه يلزمه أن يكون من هذا القليل، فيكون الأصل كفروا به، لأن المعطوف على الصِّلة صلة، فلا بد من رابط، وأما إذا قدر العطف على الحمد الله وما بعده فلا إشكال.


  قائماً مقام ضمير الخطاب، وقوله كقوله الخ أي فإن الربط فيه بضمير الخطاب. قوله: (بناء) أي: خلف. قوله: (قليل على قليل) وذلك أن الربط بضمير الخطاب قليل والربط بالاسم الظاهر أقل منه، وأما الربط بضمير الغيبة فهو الكثير فلو قدروه في رحمتك لكان فيه نيابة الظاهر الذي هو قليل عن ضمير الخطاب الذي هو قليل بخلاف ما لو قدر ضمير غيبة لكان فيه بناء قليل على كثير. قوله: (إذ الغالب الخ) حاصله أن المبتدأ إذا كان ضمير متكلم أو مخاطب وأخبر عنه بموصول جاز ربط الصلة بضمير الغيبة نظراً للموصول لأنه اسم ظاهر من قبيل الغيبة وبضمير التكلم أو الخطاب نظراً للمبتدأ وكلا الوجهين مقيس إلا أن الأول أكثر من الثاني فإن كان المبتدأ ضمير خطاب أو اسم ظاهر وأخبر عنه بموصول ربطت صلته باسم ظاهر بدلاً عن الضمير كان قليلاً غير قياسي قوله: (يجوز كون العطف بثم) أي: ودخول المعطوف في سياق الحمد من حيث حمله على من عدل به غيره مع انفراده بخلق ما ذكر. قوله: (على الجملة الفعلية) أي: جملة الصلة. قوله: (ضعيف) خبر عن قول الزمخشري.

  قوله: (أن يكون من هذا) أي: القليل الغير المقيس. قوله: (فلا بد من رابط) أي: فلا بد من ضمير رابط وليس هنا رابط موجود فتعين أن يكون الاسم الظاهر الذي هو الرب هو الرابط خلفاً عن الضمير فقد خرج القراءة على القليل الغير المقيس وهذا لا يصح أصلاً. قوله: (وأما إذا قدر العطف على الحمد الله) أي: وجعلت ثم للترتيب الإخباري أي


٧٤٧ - التخريج: البيت لمعشوقة ابن الدمينة في (ديوانه ص ٤٢؛ ولأميمة امرأته في الأغاني ١٧/ ٥٣ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٨١؛ وبلا نسبة في البيان والتبيين ٣/ ٣٧٠؛ والحيوان ٣/ ٥٥).

اللغة: خلف وعده: لم ينجزه. شمت فرح بمصاب غيره. يلوم: يعيب.

المعنى: لم تصلني على الوعد المضروب بيننا، فأسعدت بنا العواذل واللائمين.