الرابع: إزالة القبح أو التجوز
  ٧٥٣ - إِنَارَةُ الْعَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطَوْع هَوَى ... وَعَقْلُ عَاصِي الْهَوَى يَزْدَادُ تَنْوِيرًا
  ويحتمل أن يكون منه {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: ٥٦]، ويبعده {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى: ١٧]، فذُكِّرَ الوصفُ حيث لا إضافة، ولكن ذكر الفراء أنهم التزموا التذكير في «قريب» إذا لم يرد قرب النسب قصْداً للفرق؛ وأما قول الجوهري: «إن التَّذكير لكون التأنيث مجازيًا» فَوَهُم، لوجوب التأنيث في نحو: «الشَّمْسُ طالعة، والموعظة نافعة»، وإنما يفترقُ حكم المجازي والحقيقي الظاهرين، لا المُضمرين.
  (مكسوف) خبر إنارة مقتضاه أن يقول مكسوفة لكنه جرده من التاء لاكتساب المضاف التذكير من المضاف إليه قوله: (حيث لا إضافة) أي: فهذا يفيد أن تذكير قريب في الآية الأولى ليس للإضافة بل ذكر في الآية الأولى لأن قريب فعيل بمعنى مفعول وهو يستوي فيه المذكر والمؤنث أو إن قريب صفة لمحذوف أي شيء قريب وكلام الفراء جواب ثالث قوله: (ولكن ذكر الخ) استدراك على محذوف حاصله وحيث ذكر الوصف حيث لا إضافة كان ذلك مشكلاً لكن ذكر الفراء في الجواب الخ.
  قوله: (إذا لم يرد قرب النسب) أما إن أريد به قرب النسب طابق نحو هند قريبة لعمرو وزيد قريب لعمرو وهنا لم يرد قرب النسب فلذا ذكر لالتزام التذكير حينئذ. قوله: (قصداً للفرق) أي: بين المراد بها قرب النسب والمراد بها غيره. قوله: (وأما قول الجوهري) أي: في الصحاح جواباً عن تذكير الخبر في قوله تعالى إن رحمة الله قريب. قوله: (لوجوب التأنيث) أي: تأنيث الخبر فيما ذكر من المثالين مع أن المبتدأ فيهما من مجازي التأنيث. قوله: (لوجوب التأنيث في نحو الشمس طالعة) أي: كما يجب في نحو هند قائمة. قوله: (وإنما يفترق الخ) أي: فمجازي التأنيث الظاهر يجوز فيه التذكير والتأنيث وحقيقي التأنيث الظاهر يجب فيه التأنيث. قوله: (الظاهرين) كما هنا في الشمس والموعظة. قوله (لا المضمرين) أي: لا في الضمير العائد إلى مجازي التأنيث فإن ذلك الضمير يجب تأنيثه كما أن العائد على حقيقي التأنيث كذلك فالحاصل أن مجازي التأنيث إن كان ظاهراً جاز فيه التذكير والتأنيث، فتقول طلع الشمس وطلعت الشمس، وأما حقيقي
٧٥٣ - التخريج: البيت لبعض المولدين في (المقاصد النحوية ٣/ ٣٩٦؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ٣٩٦؛ وخزانة الأدب ٤/ ٢٢٧، ٥/ ١٠٦؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣١٠؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٢).
شرح المفردات كسفت الشمس احتجبت في النهار كلّيّاً أو جزئياً لحلول القمر بينها وبين الأرض طوع الهوى أي بالانقياد للهوى عاصي الهوى: عدم الانقياد للهوى.
المعنى: يقول: بانجرار الإنسان وراء شهواته ينحجب نور العقل، ويتعثر في بلوغ هدفه، أما إذا كبح جماح نفسه، وأخضع شهواتها لعقله، ازداد عقله نوراً، وسار على هدى.