حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الرابع عشر: أن يضمن معنى فعل قاصر

صفحة 163 - الجزء 3

  إن من رواه بجر «التعانق» مُخطئ؛ لأن «تَفَاعَلَ» لا يتعدى ثم رد عليه بأنه إن كان قبل دخول التاء متعدّياً إلى اثنين، فإنه يبقى بعد دخولها متعدياً إلى واحد، نحو: «عاطيته الدراهم» و «تَعَاطَيْنَا الدَّراهم»؛ وإن كان متعدّياً إلى واحد، فإنه يصير قاصراً، نحو: «تَضَارَبَ زَيْدٌ وعَمْرو»، إلا قليلاً، نحو: «جَاوَزْتُ زيداً وتجاوزته»، و «عانقته وتعانقته»، اهـ. وإنما ذكر ابن السيد أن «تعانق» لا يتعدّى، ولم يذكر أن «تَفاعَلَ» لا يكون متعدّياً؛ وأيضاً فلم يخص الردّ برواية الجرّ، ولا معنى لذلك.


  الجسور. قوله: (إن من رواه) هذا مقول ابن السيد كما نقل ابن عصفور. قوله: (لا يتعدى) أي: لا هو ولا مصدره أي وهنا تعدى لأن تعانق تفاعل وقد أضيف إلى مفعوله والكماة فاعله. قوله: (قبل دخول التاء) أي: لأن التاء للمطاوعة والفعل المطاوع أحط رتبة من المطاوع كما سبق. قوله: (ثم رد) أي: ابن عصفور على ابن السيد. قوله: (إلا قليلاً) مستثنى من قوله يصير قاصراً. قوله: (وإنما ذكر الخ) حاصله اعتراض علي ابن عصفور من المصنف وحاصله أنك يا ابن عصفور حرفت كلام ابن السيد واعترضت عليه وحاصله أن عبارة ابن السيد لأن تعانق لا يتعدى وأنت نقلت عنه أن تفاعل الخ فهو إنما تلفظ بجزئي فأنت اعترضت عليه بشيء لم يقل به على أن ابن السيد لم يقع في كلامه أن من رواه يجر الخ؛ لأن ابن السيد إنما جعل المخطئ الشاعر حيث جعل تعانقه متعدياً مع أنه لا يكون إلا قاصراً فاعتراضه ليس خاصاً برواية الجر كما نقلت عنه فهو لم يجعل الراوي مخطئاً بل الشاعر أي فكلام ابن السيد، مسلم وأنه لا يتعدى لكن يقال عليه أنه ورد تعانقته وإن كان قليلاً فلعل الشاعر جاء كلامه على ذلك إلا أن يقال إن مراده برده له أنه مخالف للقياس، وإن كلام الشاعر شاذ قوله: (ولا معنى لذلك) أي: ولا معنى لتخصيص الرد برواية الجر بل الشاعر مخطئ سواء روي البيت بالرفع أو بالجر واعترض بأن التخطئة للشاعر لا تصح لأنه عربي إلا أن تفسر بالشذوذ.