الخامس: تضعيف العين
  و «استحسنتُ زيداً»، و «استقبحْتُ الظلم»، وقد ينقل ذو المفعول الواحد إلى اثنين، نحو: «اسْتَكْتَبْتُهُ الكِتَابَ»، و «اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ الذنْبَ»، وإنما جاز «استغفرت الله من الذنب» لتضمنه معنى «استَتَبْتُ»؛ ولو استعمل على أصله لم يجز فيه ذلك؛ وهذا قول ابن الطراوة وابن عصفور، وأما قول أكثرهم: إن استغفر» من باب «اختار» فمردود.
  الخامس: تضعيف العين، تقول في «فَرَحَ زيد»: «فَرّحْتُهُ» ومنه {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩}[الشمس: ٩]، {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ}[يونس: ٢٢]، وزعم أبو علي أن التضعيف في هذا للمبالغة لا للتَّعْدِية، لقوله: «سِرْتُ زَيْداً»، وقوله [من الطويل]:
  ٧٧٠ - [فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سِيرَةٍ أَنتَ سِرْتَهَا] ... فَأَوّلُ راضِ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا
  خروجه. قوله: (واستحسنت زيداً) أي: نسبته للحسن ونسبت الظلم للقبح. قوله: (وقد ينقل) أي: يصوغه على استفعل للطلب أو النسبة ذو المفعول قوله: (استكتبته الكتاب) أي: فالأصل كتب زيد الكتاب فلما دخلت السين والتاء صيرت الفاعل مفعولاً، وكذا أصل ما بعده غفر الله الذنب فلما أدخل السين والتاء التي للطلب صير الفاعل مفعولاً.
  قوله: (وإنما جاز الخ) هذا جواب عما يقال كيف ينقل صوغ الفعل على استفعل للطلب المتعدي لواحد إلى اثنين مع أنه لم يتعد للثاني في هذا المثال بنفسه. قوله: (لتضمنه معنى استتبت) أي: وهو يتعدى للمفعول الثاني بمن، وقوله لتضمنه الخ أي لا لكونه من باب اختار خلافاً للأكثر الآتي. قوله: (ولو استعمل على أصله لم يجر) أي: لأن صوغه على صيغة استفعل للطلب توجب تعديته لاثنين بنفسه قوله: (من باب اختار الخ) هو كل فعل متعد لواحد بنفسه، وللثاني بحرف جر دائماً وإن أتى في بعض الحالات متعدياً للثاني بنفسه فهو من باب التوسع وهو سماعي والمسموع منه اختيار واستغفر وأمر وسمي وكنى ودعا وزوج فتقول زوجت زيداً هند أو بهند، وقول الشارح مردود أي لأن صيغة استفعل الناقلة للمتعدي لواحد إلى اثنين وجدت فلا وجه لجعله من باب اختار ولا يرد علينا استغفرت الله من الذنب لأن هذا من التضمين اهـ تقرير دردير قوله: (للمبالغة) أي: في المعنى لأن كثرة الحرف تدل على كثرة المعنى فهو في الأصل قبل التضعيف متعد والتضعيف إنما أفاد المبالغة يقال زكى زيد نفسه والفرسخ سرته. قوله: (فأول راض الخ)
٧٧٠ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في (الأشباه والنظائر ٢/ ٣٩٩ - وليس في ديوانه - ولخالد بن زهير الهذلي في جمهرة اللغة ص ٧٢٥؛ وخزانة الأدب ٥/ ٨٤، ٨/ ٥١٥، ٩/ ٥٩؛ والخصائص ٢/ ٢١٢؛ ولسان العرب ٤/ ٣٩٠ (سير)؛ ولخالد بن عتبة الهذلي في لسان العرب ١٣/ ٢٢٥ (سنن)).
اللغة: السيرة: المذهب أو الطريقة.
المعنى: لا تغضب ولا تثر لما أتيت فقد أتيت به من قبلي وعلى ذلك، عليك الرضي والصمت.