حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

السابع: إسقاط الجاز توسعا

صفحة 169 - الجزء 3

  والمعنَى: لكي تُكرمني. وأجازوا أيضاً كونها تعليلية و «أن» مضمرة بعدها. ولا يُحذف مع «كي» إلا لام العلة؛ لأنها لا يدخل عليها جاز غيرها، بخلاف أختيها. قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ}⁣[البقرة: ٢٥]، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}⁣[آل عمران: ١٨]، أي: بأن لهم، وبأنه {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}⁣[النساء: ١٢٧]، أي: في أن، أو عن، على خلاف في ذلك بين المفسرين، ومما يحتملهما قوله [من الطويل]:

  ٧٧١ - ويَرْغَبُ أَنْ يَبْنِي الْمَعَالِيَ خَالِدٌ ... وَيَرغَبُ أَنْ يرضَى صَنِيع الألائِم

  أنشده ابن السيد، فإن قدر «في» أولاً و «عن» ثانياً فَمَدْح، وإن عكس فدم، ولا يجوز أن يقدر فيهما معاً «في» أو «عن»، للتناقض.


  محل الشاهد أي فحذف الجار هنا قياساً قوله: (كونها تعليلية) أي: فهي بمعنى لام العلة وعلى هذا لا شاهد فيها. قوله: (بخلاف أختيها) أي: أختي كي وهما أن وإن فإنه يحذف معهما كل جار قوله: (على في ذلك) مبنى الخلاف في سبب النزول هل هو معرض رغبة فيهن أو ذم فمن قدر في راعى الأول ومن قدر عن راعى الثاني فاندفع ما يقال إن شرط الحذف أمن اللبس وهنا قد وجد اللبس لأن اللبس عند عدم القرينة والقرينة هنا موجودة، وإن اختلف فيها وقيل أن الإبهام تعلق به غرض هنا لينزجر من يرغب فيهن لما لهن ومن يرغب عنهم لفقرهن. قوله: (ومما يحتملهما) أي: فهو من الكلام الموجه المتحمل لمعنيين أحدهما مدح والثاني ذم.

  قوله: (المعالي) جمع معلاة بفتح الميم وهي كسب الشرف. قوله: (صنيع الألائم) أي: فعل القبيح فالألائم جمع ألأم من قولك لؤم الرجل فهو لئيم أي دنيء الأصل شحيح النفس. قوله: (للتناقض) أي: لأنك متى أثبت له الرغبة في بناء المعالي نفيت عنه الرضا بصنع الألائم وإن أثبت الثاني له وهو الرضا بصنع الألاثم نفيت عنه الأول لأنهما ضدان لا يجتمعان فلا يصح أن يثبت له الرغبة في بناء المعالي والرضا اللثام ولا الرغبة عن بناء المعالي وعن الرضا بصنع اللثام فإن قلت لا شك في أن الإنسان يرغب في الخير فيفعله وفي الشر فيفعله في وقت آخر، وقد يرغب عن الخير وعن الشر معاً فلا يفعل شيئاً منهما ولا يريد فعله ولا تناقض في ذلك قلت الذي في البيت الإخبار باستمرار الرغبة في بشهادة


٧٧١ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة: يرغب يريد ويحب. صنيع: فعل الألائم: جمع الأم من قولك لؤم الرجل فهو لئيم أي دنيء الأصل شحيح النفس.

المعنى: يحب خالد أن يبني أبنية الشرف والمجد، ويأبى ككل الكرام فعل القبيح الذي يفعله اللئام.