حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 179 - الجزء 3

  فقلت: حتى أعرف ما «الحَقَلدِ»، فنظرناه فإذا هي سَيِّئ الخلق، فقلت: هو معطوف على شيء متوهم؛ إذ المعنى ليس بمكثر غنيمة، فاستعظم ذلك.

  وقال الشلوبين: حُكي لي أن نحوياً من كبار طلبة الْجُزُولي سُئل عن إعراب {كَلَالَةً} من قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ}⁣[النساء: ١٢] فقال: أخبروني ما «الكلالة»، فقالوا له: الورثة إذا لم يكن فيهم أب فما عَلا ولا ابن فما سفل؛ فقال: فهي إذاً تمييز؛ وتوجيه قوله أن يكون الأصل: وإن كان رجل يرثه كلالة، ثم حذف الفاعل وبني الفعل للمفعول، فارتفع الضمير واستتر، ثم جيء بـ «كلالة» تمييزاً، ولقد أصاب هذا النحوي في سؤاله، وأخطأ في جوابه؛ فإن التمييز بالفاعل بعد حَذْفِهِ نَقْضٌ للغَرَضِ الذي حُذِفَ لأجله، وتراجع عمّا بُنيت الجملة عليه من طي ذكر الفاعل فيها؛ ولهذا لا يوجد في كلامهم مثل: «ضُرِبَ أخوك رجلا»، وأما قراءة من قرأ {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ}⁣[النور: ٣٦ - ٣٧] بفتح الباء - فالذي سوغ فيها أن يُذكر الفاعل بعدما حُذف أنه إنما ذكر في جملة أخرى غير التي حذف فيها.


  كعملس. قوله: (فإذا هو سييء الخلق) الظاهر انه إنما أتى بهذه العبارة المحتملة لعود الضمير فيها على الحقلد وعلى أبي حيان تبكيتاً لأبي حيان لما كان بينهما من المناقشة في مسألة بيانية والشأن أن المغاربة يكونون سيئي الأخلاق فلذا قال سييء الخلق. قوله: (هو معطوف على شيء متوهم) يحتمل وجهاً آخر وهو عطفه على نهكة على حذف مضاف أي ولا بنهكة حقلد أي شخص متصف بسوء الخلق لدناءة الحقلد وهو لا يتوجه إلا لشريف ولك أن تقول أنه عطف عليه من غير حذف والمراد أنه لا يستعين بحقلد. قوله: (تمييز) أي: محول عن الفاعل. قوله: (يرثه كلالة) أي: ورثة ليس فيهم أب ولا ابن. قوله: (ثم حذف الفاعل) أي لغرض من الأغراض المذكورة في البيان. قوله: (ولقد أصاب هذا النحوى في سؤاله) أي: عن معنى الكلالة قوله: (وأخطأ في جوابه) حيث أجاب بأنه تمييز. قوله: (نقض) أي: إبطال قوله: (من طي) بيان لما في قوله عما بنيت، وقوله وتراجع أي رجوع وقد يقال إن الغرض الذي حذف هنا الفاعل لأجله الإجمال ثم إنه فصل بعد والاجمال أولاً ثم التفصيل أوقع في النفس، وحينئذ فكلام النحوي ظاهر تأمل. قوله: (ولهذا) أي: ولأجل كون التمييز بالفاعل فيه نقض للغرض الذي حذف لأجله الخ. قوله: (ضرب أخوك الخ) أصله ضرب أخاك رجل ثم بني الفعل للمفعول فارتفع أخاك على أنه نائب فاعل وأعرب رجل تمييزاً. قوله: (وأما قراءة الخ) جواب عما يقال إنه لا نسلم أن ذكر الفاعل بعد حذفه لغرض نقض للغرض والدليل القراءة السبعية في الآية. قوله: (إنما ذكر في جملة الخ) أي: فهو واقع في جملة استئنافية ولا يصح الدليل بها إلا لو كان مذكوراً في الجملة الأولى. قوله: (إنما ذكر في جملة أخرى)