حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 192 - الجزء 3

  {وَلَا جُنُبًا}⁣[النساء: ٤٣]، لأن الحال بالخبر أشبه، ومن ثَمَّ اختلف في تعددهما، واتفق على تعدد النعت؛ وأما {جُنُبًا} فعطف على الحال لا حال؛ وقيل: المنفية حال، و {قَيِّمًا} بدل منها، عكسُ «عَرَفْتُ زَيْداً أبو مَنْ هُوَ».

  الرابع عشر: قولُ بعضهم في {أَحْوَى}⁣[الأعلى: ٥] إنه صفة لـ «غثاء»، وهذا ليس بصحيح على الإطلاق، بل إذا فسّر «الأحوى» بالأسود من الجفاف واليبس، وأما إذا فسر بالأسود من شدّة الخضرة لكثرة الري كما فُسِّر {مُدْهَامَّتَانِ ٦٤}⁣[الرحمن: ٦٢ - ٦٤] فجعله صفة لـ «غثاء» كجعل «قيماً» صفة لـ «عوجا»، وإنما الواجب أن تكون حالاً من «المَرْعَى» وأُخر لتناسب الفواصل.

  الخامس عشر: قول بعضهم في قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ


  جنباً حال ثان مفرد، قوله لأن الحال علة لقوله لا يقول قوله: (لأن الحال الخ) هذا منع للتخريج على النعت لا على الخبر، وقوله بالخبر أشبه أي لأنك إذا حذفت العامل في الحال من نحو جاء زيد راكباً كان الحال صاحبها مبتدأ وخبراً لا نعتاً ومنعوتاً وحينئذ فالتخريج على الخبر أولى لأنه أشبه.

  قوله: (ومن ثم) أي: ومن أجل شبه الحال بالخبر اختلف في تعددهما أي الحال والخبر أي جرى الخلاف في الحال كما جرى في الخبر. قوله: (لا حال) أي: وكلامنا في الحال المعددة المستقلة بدون عطف وقوله وأما جنباً منع لقوله بل قد ثبت الخ. قوله: (لا حال) هذا مشكل إذ لو كان المعطوف غير حال لم يصح عطفه على الحال ضرورة انتفاء الجهة التي يجب فيها تشارك المعطوف والمعطوف عليه وحينئذ فجنباً حال قطعاً لا غير حال والجواب أن نفي الحال عنه إنما هو باعتبار الأصالة والاستقلال وهو صحيح لأن جنباً معطوف وإنما جاءته الحالية بطريق التبعية لا بطريق الأصالة، وإذا كان كذلك فلا ينتهض الرد به على أبي علي لأن الثواني يغتفر فيها ما لا يغتفر في الأوائل. قوله: (بدل) أي: بدل كل فكأنه قيل لم يجعل فيه عوجاً جعله قيماً. قوله: (بدل منها) أي: فقد أبدل المفرد من الجملة، وأما في المثال فقد أبدل الجملة أعني قوله أبو من المفرد أعني زيد. قوله: (في أوحى) أي: من قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى}⁣[الأعلى: ٤] الخ أي أثبت العشب فجعله بعد الخضرة غثاء أي جافاً هشيماً أحوى أي أسود يابساً. قوله: (الغثاء) الغثاء بتخفيف الثاء وتشديدها ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات اليابس والأحوى سواد يضرب إلى الخضرة وقيل خضرة عليها سواد ويطلق الأحوى أيضاً على الظبي الذي في ظهره خطان من سواد وبياض. قوله كما فسر (مدهامتان) أي: فإنه فسر بسوداوان من شدة خضرتهما. قوله: (فجعله صفة لغثاء كجعل الخ) أي: لأنه ينحل المعنى فجعله يابساً شديد الخضرة وهو تناقض بخلاف المعنى الأول جعله جافاً أسود من الجفاف واليبس. قوله: (وإنما الواجب) أي: على التفسير الثاني. قوله: (فأخرجنا به) أي: بسببه أي الماء