الجهة الأولى:
  فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ}[الأنعام: ٩٩]، فيمن رفع {جَنَّاتٍ} إنه عطفٌ على «قِنْوَان»؛ وهذا يقتضي جنات الأعناب تخرج من طلع النخل، وإنما هو مبتدأ بتقدير: وهاك جنات، أو ولهم جنات؛ ونظيره قراءة مَنْ قرأ {وَحُورٌ عِينٌ ٢٢}[الواقعة: ٢٢] بالرفع بعد قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ٤٥}[الصافات: ٤٥] أي: ولهم حور؛ وأما قراءة السبعة {وَجَنَّاتٍ} بالنصب فبالعطف على {نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} وهو من باب {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة: ٩٨].
  السادس عشر: قول ابن السيد في قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، إن {مَنِ} فاعل بالمصدر، ويردُّه أن المعنى حينئذ: والله على الناس أن يحج المستطيعُ؛ فيلزم تأثيم جميع الناس إذا تخلف مستطيع عن الحج، وفيه مع فساد المعنى ضَعْفٌ من جهة الصناعة، لأن الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر إلى المفعول شاذ، حتّى قيل: إنه ضرورة كقوله [من البسيط]:
  المتقدم في قوله وهو الذي أنزل من السماء ماء. قوله: (فأخرجنا منه خضراً) أي: زرعاً نخرج منه أي من الزرع الخضر، وقوله ومن النخل خبر مقدم وقوله من طلعها بدل وقنوان مبتدأ والجملة حالية.
  قوله: (وهذا يقتضي ان جنات الأعناب تخرج من طلع النخل) أي: لأن المعنى حينئذ القنوان الدانية والجنات من الأعناب كائنان من طلع النخل.
  قوله: (بعد قوله تعالى يطال عليهم) الأولى بعد قوله تعالى يطوف عليهم ولدان مخلدون الخ، فقوله بعد قوله يطاف عليهم الخ هذا خطأ إذ ليست التلاوة كذلك في الآية التي فيها وحور عين وإنما التلاوة فيها: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ١٧ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ١٨ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ١٩ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ٢١ وَحُورٌ عِينٌ ٢٢}[الواقعة: ١٧ - ٢٢] بالرفع وفي قراءة بالجر عطف على الأكواب.
  قوله: (وهو من باب الخ) أي: أنه من عطف الخاص على العام وليس القصد تلاوة الآية ولذا اقتصر المصنف على محل الشاهد ولم يقل ورسله وجبريل. قوله: (ان من فاعل بالمصدر) وهو حج من قوله والله على الناس حج البيت.
  قوله: (فيلزم الخ) هذا الالزام مبني على أن الألف واللام في الناس للاستغراق وهو ممنوع الجوز كونها للعهد الذكرى والمعهود المستطيعون نعم يكون من استطاع من قبيل الإظهار في موضع الإضمار.