حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 194 - الجزء 3

  ٧٨١ - أَفْنَى تِلادِي وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ نَشَبٍ ... فَرْعُ الْقَواقيز أَفْوَاهُ الأباريق

  فيمن رواه برفع «أفواه»، والحق جواز ذلك في النثر، إلا أنه قليل، ودليل الجواز هذا البيت فإنه رُوي بالرفع مع التمكن من النصب وهي الرواية الأخرى، وذلك على أن «القواقيز» الفاعل، و «الأفواه» مفعول؛ وصح الوجهان لأن كلا منهما قارع ومقروع، ومن مجيئه في النثر الحديث: «وحَجُ الْبَيْتِ من استطاع إليه سبيلا»، ولا يتأتى فيه ذلك الإشكال، لأنه ليس فيه ذكر الوجوب على الناس؛ والمشهور في {مَن} في الآية أنها بدل من «الناس» بدل بعض؛ وجوز الكسائي كونها مبتدأ؛ فإن كانت موصولة فخبرها محذوف أو شرطيَّة فالمحذوف جوابها، والتقدير عليهما: من استطاع فليحج؛ وعليهن فالعموم مُخَصَّص إما بالبدل أو بالجملة.


  قوله: (أفنى تلادي) هو المال القديم الأصلي الذي ولد عندك والنشب العقار والقوافيز الأقداح جمع قاقوزة والأباريق جمع إبريق فارسي معرب والبيت للمغيرة بن الأسود الأسدي وقبله:

  أقول والكأس في كفي أقلبها ... أخاطب الصيد أبناء العماليقِ

  لاتشربن أبداً راحاً مسردة ... إلا مع الشم أبناء البطاريق

  الصيد جمع أصيد وهو الملك والعماليق الجبابرة أولاد عملاق والمسردة المتوالية والبطريق كبير الروم. قوله: (مع التمكن من النصب) فيه ميل لمذهب ابن مالك في تفسير الضرورة وهي ما ليس للشاعر عنه مندوحة قوله: (ومن مجيئه) أي: الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر للمفعول قوله: (في النثر) روي عن ابن عاصم أنه قرأ ذكر رحمة ربك عبده زكريا بضم الدال والهمزة وهو من هذا القبيل. قوله: (بدل بعض) أي: وحذف الرابط لفهمه أي: من استطاع منهم لكن يلزم عليه الفصل بين البدل والمبدل منه بالأجنبي وهو المبتدأ. قوله: (وعليهن) أي: على جعل من بدلا أو مبتدأ موصولة أو شرطية.


٧٨١ - التخريج: البيت للأقيشر الأسدي في (ديوانه ص ٦٠؛ والأغاني ١١/ ٢٥٩؛ وخزانة الأدب ٤/ ٤٩١؛ والدرر ٥/ ٢٥٦؛ وشرح التصريح ٢/ ٦٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٩١؛ والشعر والشعراء ص ٥٦٥؛ ولسان العرب ٥/ ٣٩٦ (ققز)؛ والمؤتلف والمختلف ص ٥٦؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٥٠٨؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٣٣٨؛ والإنصاف ١/ ٢٣٣؛ وأوضح المسالك ٣/ ٢١٢؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٣٧؛ واللمع ص ٢٧١؛ والمقتضب ١/ ٢١؛ والمقرب ١/ ١٣٠؛ و همع الهوامع ٢/ ٩٤).

اللغة والمعنى: التلاد الأصلي القديم من المال والمواشي ونحوها. النشب: الثابت من الأموال كالدور والأراضي القواقيز: ج القاقوزة، وهي القدح.

يقول: إن إدماني على شرب الخمر من أفواه الأباريق أدى إلى إتلاف ما جمعت من أموال وعقارات.