حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 197 - الجزء 3

  بأن يُسْلَبُوا أهليَّةَ القتال حتى لا يستطيعوا أن يقاتلوا أحداً ألبتة.

  المتمم العشرين: قول أبي الحسن في قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ}⁣[الكهف: ٢٥] فيمن نوَّن «مائة» إنه يجوز كون «سنين» منصوباً بدلاً من «ثلاث»، أو مجروراً بدلاً من «مائة»، والثاني مردود، فإنه إذا أقيم مقام «مائة» فسد المعنى.

  الحادي والعشرون: قول المبرد في {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢]: إن اسم الله تعالى بدل من «آلهة»، ويردُّه أن البدل في باب الاستثناء مستثنى موجب له الحكم، أما الأول فلان الاستثناء إخراج، و «ما قام أحد إلا زيد» مفيد لإخراج «زيد»؛ وأمَّا الثاني فلأنه كلما صدق «ما قام أحدٌ إلا زيد» صدق «قام زيد»، واسم الله تعالى هنا ليس بمستثنى ولا مُوجَب له الحكم؛ أما الأول فلأن الجمع المُنكر عموم له فيُستثنى منه، ولأن المعنى حينئذ لو كان فيهما آلهة مستثنى منهم الله لفسدتا، وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم يَفْسُدا، وإنما المراد أن الفساد يترتب على تقدير التعدد مطلقاً؛ وأمَّا أنه ليس بموجب له الحُكْمُ فلأنه لو قيل: لو كان


  قوله: (بأن يسلبوا) أي: بالمرض. قوله: (إذا أقيم مقام الخ) أي: لأن المنظور البدل والمبدل منه في نية الطرح وهذا مذهب الجمهور وقال الزمخشري المنظور له كل من الأمرين. قوله: (فسد المعنى) أي: لأنه يصير المعنى ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين. قوله: (ويرده الخ) أي: وحينئذ فالأولى جعل إلا اسماً بمعنى غير صفة لآلهة والتقدير لو كان فيهما آلهة مغايرة الله لفسدتا لكنهما لم تفسدا فليس فيهما آلهة غير الله فجاء التوحيد الذي سيقت الآية لبيانه وعلم من هذا أنه لا يشترط في جعل إلا بمعنى غير صحة الاستثناء. قوله: (أما الأول) أي: كونه مستثنى قوله: (فلأن الاستثناء إخراج) أي: بإلا أو إحدى أخواتها والبدل مخرج بإلا فهو مستثنى. قوله: (وأما الثاني) أي: وهو كونه موجباً له الحكم قوله: (صدق قام زيد) أي: لأن زيداً مخرج ممن نفي عنه القيام ومن كان كذلك كان القيام ثابتاً له قوله: (أما الأول) أي: كون اسم الله ليس مستثنى وقوله: فلأن الجمع أي مثل آلهة قوله: (فيستثنى منه) أي: حتى يستثنى منه لأن الاستثناء معيار العموم قوله: (ولأن المعنى الخ) حاصله أن ما بعد لو مثبت لفظاً والاستثناء من الإثبات نفي فلو كانت إلا للاستثناء هنا كان المعنى لو كان فيهما آلهة ليس الله فيهما لفسدتا لكنهما لم تفسدا فليس فيهما آلهة ليس الله منها وذلك يحتمل أن يكون فيهما آلهة الله منها فلا يحصل التوحيد الذي سيقت الآية له.

  قوله: (وأما انه ليس بموجب له) أي: ليس بثابت له الحكم أي الفساد اعترض بأن البدل في باب الاستثناء ليس ما بعد إلا بل لا مع ما بعدها بدليل قولهم في ما قام أحد إلا زيد أن إلا زيداً بدليل إذ لو كان البدل زيداً فسد المعنى إذ يكون المعنى ما قام أحد زيد