الجهة الأولى:
  فيهما الله لفسدتا لم يستقم. وهذا البحث يأتي في مثال سيبويه «لَوْ كَان مَعَنَا رجلٌ إِلا زيد لغلبنا» لأن «رجلا» ليس بعامٌ فَيُستثنى منه، ولأنه لو قيل: لو كان معنا جماعة مستثنى منهم زيد لغلبنا اقتضى أنه لو كان معهم جماعة فيهم زيد لم يغلبوا، وهذا وإن كان معنى صحيحاً إلا أن المراد إنما هو أن زيداً وحده كافٍ.
  فإن قيل: لا نُسلّم أن الجمع في الآية والمفرد في المثال غير عامين، لأنهما واقعان في سياق «لو»، وهي للامتناع، والامتناع انتفاء.
  قلت: لو صح ذلك لصح أن يُقال: لو كان فيهما من أحد، ولو جَاءني دَيَّارٌ، ولو جاءني فأكرمه بالنصب لكان كذا وكذا، واللازم مُمْتَنِع.
  الثاني والعشرون: قول أبي الحسن الأخفش في «كَلَّمْتُه فاه إلى فِي» إن انتصاب «فاه» على إسقاط الخافض، أي من فيه؛ ورده المبرد فقال: إنما يتكلم الإنسان مِنْ في نفسه لا مِنْ في غيره؛ وقد يكون أبو الحسن إنما قال ذلك في «كلمني فاهُ إِلى
  وهو فاسد؛ لأنه عكس الواقع؛ لأن الواقع أن زيداً موجب له القيام وإذا أقمته مقام أحد المبدل منه كان القيام منفياً عنه بخلاف ما قام إلا زيد ونحن هنا لو قلنا على رأي المبرد لو كان فيهما إلا الله لفسدتا لكان المعنى صحيحاً قوله: (اقتضى) أي: بمفهومه. قوله: (وهذا وإن كان المعنى صحيحاً الخ) هذا مبتدأ وقوله وإن كان معنى صحيحاً حال والخبر محذوف أي ليس مراد بدليل الاستثناء الواقع بعده وهو منقطع. قوله: (إنما هو أن زيداً وحده) أي: فالمتكلم بهذا مراده أن زيداً وحده هو الذي نفع وحده. قوله: (والامتناع انتفاء) أي: والنكرة أي جمعاً أو مفرداً في سياق النفي تفيد العموم فبطل الدليل الأول. قوله: (قلت الخ) حاصله أن لولا تعطي حكم النفي من كل وجه. قوله: (لو صح ذلك). أي: السؤال من أن لو للنفي فتكون النكرة بعدها عامة. قوله: لكان كذا جواب الثلاث قبله لكان كذا وكذا كناية عن جواب لو أي لكان لي ثواب مثلاً. قوله: (واللازم ممتنع) أي: لأنهم قالوا من لا تزاد إلا بعد نفي صريح وكذا ديار قالوا لا تقع إلا بعد نفي صريح، وكذا النصب بعد فاء السببية إنما ينصب بعد النفي المحض ولم يجوزوا وقوع كل بعد لو فدل هذا على أن لو ليست موضوعة للنفي، وحينئذ فلا تفيد النكرة الواقعة بعدها العموم فإن قلت أنهم دائماً يقولون إن ما بعد لو منفي فبدل على أنها موضوعة للنفي قلت ممنوع، وذلك لأن لو موضوعة لتعليق شيء على شيء غير موجود وإذا كان المعلق عليه غير موجود المعلق وهو ما بعدها غير موجود فنفي ما بعدها ليس منها بل من خارج وهو عدم وجود والمعلق عليه اهـ تقرير دردير.
  قوله: (على إسقاط الخافض) لما كان المشهور أن نصبه على الحال تركه المصنف وتعرض للجواب على أبي الحسن قوله: (لا من في غيره) أي: فكيف يقول المعنى