حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 199 - الجزء 3

  في» أو قاله في ذلك وحَمَله على القلب لفهم المعنى؛ فلا يرد عليه سؤال أبي العباس، فلنعدل إلى مثال غير هذا.

  حكي عن اليزيدي أنه قال في قول العَرْجِي [من الكامل]:

  ٧٨٢ - أَظَلُومُ إِنْ مُصَابَكُمْ رَجُلاً ... رد السلامَ تَحِيَّةٌ ظُلْمُ

  إن الصواب رَجُلٌ» بالرفع لـ (إنّ) وعلى هذا الإعراب يفسد المعنى المراد في البيت، ولا يتحصل له معنى ألبتة وله حكاية مشهورة بين أهل الأدب.

  رَوَوْا عن أبي عثمان المازني أن بعض أهل الذمة بَذَلَ له مائة دينار على أن يُقرئه كتاب سيبويه، فامتنع من ذلك ما كان به من شدة احتياج، فلامه تلميذه المبرد، فأجابه بأن الكتاب مشتمل على ثلثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله تعالى، فلا ينبغي


  كلمته من فيه قوله: (وقد يكون الخ) جواب عن أبي الحسن وحاصله أنه يمكن أن أبا الحسن إنما قال إن النصب على نزع الخافض ليس في هذا المثال بل في كلمني فاه. قوله: (وحمله على القلب) أي: فالأصل كلمته من في إلى فيه ثم إنه قلب ضمير التكلم إلى ضمير الخطاب قوله: (فلا يرد عليه) أي: على كلام أبي الحسن سؤال أبي العباس المبرد، وقوله فلنعدل الخ أي ليكون هذا المثال صحيحاً لا فاسداً. قوله: (العرجي) نسبة للعرج محل بطريق مكة وهو أي العرجي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان. قوله: (رد السلام) في نسخة أهدى السلام قوله: (ولا يتحصل له معنى) أي: صحيح أي بل هو فاسد قال الشارح بل له معنى صحيح وهو أن رجل خبر وجملة رد صفة وظلم خبر لمحذوف أي هي ظلم أي الإصابة ويحتمل أن ظلم صفة لرجل بمعنى مظلوم للمبالغة كضرب الأمير وعلى هذين الإعرابين فمصاب اسم مفعول أي أن هذا الذي أصبتموه بما فعلتم. معه من الجفاء هو الرجل الموصوف بذلك أي بكونه رد السلام تحية تودد أو هذا أي أصابتكم له بالجلفاء ظلم لأن من حيا أحبته وتودد بإهداء السلام إليهم جدير بأن لا يخفي وأن لا يصاب أو هو الرجل الموصوف بالصفتين وكلام المصنف مبني على أن


٧٨٢ - التخريج البيت للحارث بن خالد المخزومي في (ديوانه ص ٩١. والاشتقاق ص ٩٩؛ ١٥١؛ والأغاني ٩/ ٢٢٥؛ وخزانة الأدب ١/ ٤٥٤؛ والدرر ٥/ ٢٥٨؛ ومعجم ما استعجم ص ٥٠٤؛ وللعرجي في ديوانه ١٩٣؛ ودرة الغواص ص ٩٦؛ وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة ١/ ٢٨٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٦٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٩٢؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٥٠٢؛ ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص ٦٦؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ٢٢٦؛ وأوضح المسالك ٣/ ٢١٠؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٣٦؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٧٣١؛ ومجالس ثعلب ص ٢٧٠؛ ومراتب النحويين ص ١٢٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩٤).

اللغة والمعنى: ظلوم: اسم امرأة. مصابكم: أي إصابتكم.

يقول: يا ظلوم، إنّ مقابلة تحيّة إنسان بالجفاء والأذى تجنّ وظلم.