الجهة الثانية
  ٧٨٣ - وَهُنَّ وُقُوفٌ يَنْتَظِرْنَ قَضَاءَهُ ... بِضَاحِي غَداة أمره وَهُوَ ضَامِزُ
  إن الباء متعلقة به «قضائه»، لا بـ «وقوف» ولا بـ «ينتظرن»، لئلا يفصل بين «قضائه» و «أمره» بالأجنبي؛ ولا حاجة إلى تقدير ابن الشجري وغيره أمره معمولاً لـ «قضى» محذوفاً لوجود ما يعمل ونظير ما لزم الزمخشري هنا ما لزمَهُ إذ علق {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ٩}[الطارق: ٩] بـ «الرجع» من قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ٨}[الطارق: ٨]، وإذ علق «أياماً» بـ «الصيام» من قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: ١٨٣ - ١٨٤]، فإنّ في الأولى الفصل بخبر «إِنَّ» وهو لـ «قادر»، وفي الثاني الفصل بمعمول «كتب» وهو كما كتب.
  فإن قيل: لعله يقدر {كَمَا كُتِبَ} صفة لـ «الصيام»، فلا يكون متعلقاً بـ «يكتب».
  قلنا: يلزم محذور آخر، وهو إتباع المصدر قبل أن يكمل معموله، ونظير اللازم له على هذا التقدير ما لزمه إذ قال في قوله تعالى: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ
  قوله: (وهن) الضمير للأتن والقضاء الحكم والضمير في قضاءه وأمره للحمار والغداة ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس وضاحيها وقت ضحاها وهي تشرق والضامز بالضاد والزاي المعجمتين أي الساكت قوله: (وهو ضامز) أي: ساكت عن النهيق. قوله: (بالأجنبي) أي: وهو ممتنع إلا أن يكون الأجنبي جملة معترضة. قوله: (ما لزم الزمخشري هنا) أي: في جعله إذ تدعون متعلقاً بالمقت الأول واللازم له الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي. قوله: (فإن في الأولى الفصل بخبر إن) قال ابن الحاجب إن الفصل مغتفر في الظروف لاتساعهم فيها والمعمول هنا المفصول بينه وبين عامله بخبر إن وهو يوم تبلى الظرف قوله: (فإن قيل) أي: في الجواب عن الزمخشري. قوله: (قبل أن يكمل معموله) أي: بقوله أيام قوله: (اللازم له) أي: الزمخشري. قوله: (على هذا التقدير) أي: تقدير جعل كما كتب صفة للصيام. قوله: (وانه) أي: المسجد الحرام، وقوله حينئذ أي حين عطفه على سبيل الله من جملة معمول المصدر الذي هو صد لكونه معطوفاً على معموله وهو سبيل الله والحال أنه قد عطف كفر على المصدر مجيء المسجد
٧٨٣ - التخريج البيت للشماخ في (ديوانه ص ١٧٧؛ وجمهرة اللغة ص ١٣٢١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٩٥؛ ولسان العرب ٥/ ٣٦٥ (ضمز)؛ والمقتضب ١/ ١٥؛ والمقرب ١/ ١٣٠).
اللغة ضامز ساكت. القضاء الحكم. الضاحي: الظاهر الغداة: بين الفجر والضحى (الصباح)).
المعنى: لقد وقفت الأتن صافنات ساكنات ينتظرن أمر حمارهن بالورود إلى المنهل وهن عطشات.