حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الثانية

صفحة 206 - الجزء 3

  [هود: ٤٣]، {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}⁣[يوسف: ٩٢]، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: «لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ»، باسم «لا»، وذلك باطل عند البصريين، لأن اسم «لا» حينئذ مطول، فيجب نصبه وتنوينه، وإنما التعليق في ذلك بمحذوف إلا عند البغداديين، وقد مضى.

  والرابع: وهو عكس ذلك: تعليق بعضهم الظرف من قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}⁣[النساء: ٨٣] بمحذوف: أي كائن عليكم، وذلك ممتنع عند الجمهور، وإنما. هو متعلق بالمذكور وهو «الفضل»، لأن خبر المبتدأ بعد «لولا» واجب الحذف، ولهذا لحن المعرّي في قوله [من الوافر]:

  يُذيب الرَّعْبُ مِنْهُ كُلَّ عَضْبٍ ... فَلَوْلاَ الْغِمْدُ يُمْسِكُهُ لَسَالاَ

  الخامس: قول بعضهم في {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}⁣[البقرة: ١٢٨]: إن الظرف كان صفة لـ «أمة»، ثم قدم عليها فانتصب على الحال، وهذا يلزم منه الفصل بين العاطف والمعطوف بالحال، وأبو عليّ لا يُجيزه بالظرف، فما الظن بالحال التي هي شبيهة بالمفعول به؟ ومثله قول أبي حيان في {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ


  قوله: (مطول) أي: شبيه بالمضاف وهو واجب النصب وليس مبنياً على الفتح إذ لا يكون كذلك إلا المفرد قوله: (بمحذوف) أي: خبر المبتدأ الواقع بعد لا والتقدير لا عاصم عاصم اليوم لا تثريب تثريب عليكم اليوم ولا مانع مانع لما أعطيت.

  قوله: (بمحذوف) أي: دل عليه المذكور أي مانع أعطيت قاسم لا مفرد وهو مانع. قوله: (إلا عند البغداديين) الذين يقولون إن اسم لا إذا كان شبيهاً بالمضاف يجوز نصبه من غير تنوين. قوله: (وقد مضى) أي: مذهب البغداديين. قوله: (ممتنع عند الجمهور) القائلين إن خبر المبتدأ بعد لولا واجب الحذف ولا يكون إلا كوناً عاماً، وقيل إن كان كوناً عاماً حذف وجوباً، وإن كان كوناً خاصاً وجب ذكره إن لم يدل عليه دليل، فإن دل عليه دليل جاز ذكره وحذفه. قوله: (قول بعضهم الخ) أي: فقوله مسلمة عطف على مسلمين لك، وقوله أمة عطف على نا من قوله أجعلنا وأصل الكلام واجعل أمة مسلمة من ذريتنا وأول الآية ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا وهذا يلزم عليه ما قاله المصنف من الفصل المذكور فالأولى أن يجعل قوله ومن ذريتنا متعلقاً بمحذوف أي واجعل من ذريتنا الخ. قوله: (ان الظرف) أعني قوله ومن ذريتنا قوله: (فما الظن بالحال) أي: وحينئذ فالأولى أن يجعل الظرف متعلقاً بمحذوف دل عليه المذكور أي واجعل من ذريتنا والجملة عطف على الجملة قبلها.

  قوله: (التي هي شبيهة بالمفعول به) أي: من حيث إن العامل مسلط عليها بدون واسطة حرف ملاحظ لفظاً ولا تقديراً. قوله: (ومثله قول أبي حيان الخ) أي: فقد فصل