الجهة الرابعة
  على البدل في مثل ما فيها أحَدٌ إلا حمار»، وإنما تأتي قراءة الجماعة على أفصح الوجهين. ألا ترى إلى إجماعهم على الرفع في {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}[النور: ٦] وأن أكثرهم قرأ به في {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}[النساء: ٦٦]، وأنه لم يقرأ أحد بالبدل في {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ١٩ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ٢٠}[الليل: ١٩ - ٢٠] لأنه منقطع؟ وقد قيل: إن بعضهم قرأ به في {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}[النساء: ١٥٧] وإجماع الجماعة على خلافه.
  ونظير حمل الكرماني «النفس» على التوكيد في موضع لم يحسن فيه ذلك قولُ بعضهم في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] إن الباء زائدة، و {أَنْفُسِهِنَّ} توكيد للنون؛ وإنما لغة الأكثرين في توكيد الضمير المرفوع المتصل بالنفس أو العين أن يكون بعد التوكيد بالمُنفصل: نحو: «قُمْتُمْ أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ».
  الخامس: قول بعضهم في {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ}[الزخرف: ١٣]: إن اللام للأمر، والفعل مجزوم، والصواب أنها لام العِلّة والفعل منصوب؛ لضعف أمر المخاطب باللام كقوله [من الخفيف]:
  لِتَقُمْ أَنْتَ يَا ابْنَ خَيْرِ قُرَيْشٍ ... فَلِتَقْضِي حَوَائِجَ المُسْلمينا
  بناءً على أنه يتعدى لتضمنه معنى أهلك أو جهل. قوله: (إلا حماراً) أي: فجعل حمار بالرفع بدلاً خلاف الراجح قوله: (وإنما تأتي الخ) علة لمحذوف أي وكلا التخريجين غير صواب لأنه إنما تأتي قراءة الخ. قوله: (على الرفع) أي: على البدل من شهداء وقوله إلا قليل أي بالرافع بدلاً من ضمير فعلوه قوله: (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) لأنه منقطع لأن طلب رؤية المولى ليس من النعمة أي التي شأنها أن تصدر من العبد جزاء لغيره. قوله: (على خلافه) أي: وأنه يقرأ اتباع بالنصب أي لأنه منقطع.
  قوله: (أن يكون بعد التوكيد بالمنفصل) هذا أي كون التوكيد بالمنفصل أولاً ثم بالمتصل مذهب الأكثر فلا ينافي أن بعضهم يقول إن مطلق فاصل يكفي فاندفع قول الشارح إن الباء فاصل ومطلق فاصل كافٍ وحاصل الجواب نعم، وإن كان كافياً إلا أنه ليس لغة الأكثر والمصنف إنما قال لغة الأكثرين كذا قرر شيخنا. قوله: (لضعف أمر المخاطب) علة لمحذوف أي الصواب أنها لام العلة لا لام الأمر لضعف الخ. قوله: (الخ) هذا مثال لأمر المخاطب باللام واقتصر المصنف على البيت ليروج له دعوى الضعف ولا يستنكر لكن قد ذكر هو في حرف اللام أنه قرأ جماعة فبذلك فتفرحوا وفي الحديث لتأخذوا مصافكم قلت ممن قرأ بالتاء الفوقية في تلك الآية يعقوب وليست قراءته شاذة إذ الصحيح في الشاذ أنه ما وراء القراءات وقراءته من العشر اهـ دماميني. قوله: (فلتقض) بضم التاء لأنه رباعي من قضى.