حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الرابعة

صفحة 230 - الجزء 3

  ساكنان: الميم ولام الحمد، فكسرت الميم لالتقائهما. وممن جوز ذلك ابن عطية؛ ونظير هذا قولُ جماعة منهم المبرد: إن حركة راء «أكبر» من قول المؤذن «الله أكبر، الله أكبر» فتحة، وإنه وصل بنية الوقف؛ ثم اختلفوا، فقيل: هي حركة الساكنين، وإنما لم يكسروا حفظاً لتفخيم اللام كما في {الم ١ اللَّهُ}⁣[آل عمران: ١، ٢] وقيل: هي حركة الهمزة نقلت. وكلُّ هذا خروج عن الظاهر لغير داع، والصواب أن كسرة الميم إعرابية، وأن حركة الراء ضمة إعرابية، وليس لهمزة الوصل ثبوت في الدرج فتنقل حركتها إلا في ندور.

  الحادي عشر: قولُ الجماعة في قوله تعالى: {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}⁣[سبا: ١٤]: إن فيه حذف مضافين، والمعنى: علمت ضعفاء الجنّ أن لو كان رؤساؤهم، وهذا مَعْنى حسَن؛ إلا أنَّ فيه دعوى حذفِ


  فحركت الميم بالكسر لأجل التخلص من التقائهما قوله: (لالتقائهما) أي: لأجل التخلص من التقاء الساكنين. قوله: (ونظير هذا) أي: كون الكسر في الميم لأجل التخلص من التقاء الساكنين.

  قوله: (إن حركة الخ) أي: لأن ألفاظ الأذان جزم وكل جملة آخرها ساكن فالراء من أكبر ساكنة ولم يوقف عليها بل وصلها بلفظ الجلالة فالتقى ساكنان فحركت الراء للتخلص. قوله: (حركة الساكنين) أعني الراء ولام الله: أي حركة التخلص منهما. قوله: (وإنما لم يكسروا) أي: مع أن الأصل في التخلص من الساكنين يكون بالكسر. قوله: (حفظاً لتفخيم اللام) أي: مع خفة الفتح وإلا فالتفخيم يحصل أيضاً مع الضم وكل من الضم والفتح ليس أصلاً في التخلص. قوله: (لتفخيم اللام) أي: من اسم الله؛ لأن اللام إذا كان ما قبلها فتحة فخمت لا إن كان ما قبلها كسرة إذ هي حينئذ ترقق. قوله: (حركة الهمزة) حاصله نقلت حركة الهمزة للساكن قبلها وهو الراء، ثم وصلت بما بعدها بنية الوقف. قوله: (لغير داع) فيه أن فيه داعياً في الآذان لأن الأذان لم يسمع إلا موقفاً في نقل الحركة إيذان بأنه واقف حكماً ولولا ذلك لما نقل وإنما فعل ذلك حرصاً على عدم الخروج بالكلية من السنة في الأذان من إيراد كلماته موقوفاً على أواخرها فهو إن لم يقف حساً وقف حكماً من جهة أنه اعتبر آخر الكلمة ساكنة لأجل الوقف ثم نقل إليها حركة الهمزة ووصل مع نية الوقف ولو حرك الراء الضمة الإعرابية كما استصوبه المصنف كان لم يقف حساً ولا حكماً فخرج عن سنة الأذان بالكلية اهـ دمامين. قوله: (فتنقل حركتها) أي: حتى تنقل حركتها.

  قوله: (قول الجماعة) أي: المفسرين قوله (علمت) هو معنى تبينت. قوله: (مضى حسن) أي: وأما ظاهر الآية فهو بعيد إذ ظاهره ان كل الجن ادعوا علم الغيب ولم يتبين لهم عدم علمهم للغيب إلا حين خر سليمان ميتاً.