حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة

صفحة 240 - الجزء 3

  قول ابن عُصفور السابق أن يكون مبتدأ حذف خبره، ولم يَقُلْ به هنا، لأنه يرى أن «حبّذا» اسم. وقيل: بدل من «ذا»، ويردُّه أنه لا يحل محل الأول، وأنه لا يجوز الاستغناء عنه؛ وقيل: عطف، ويرده قوله [من البسيط]:

  ٧٩٦ - وَحَبَّذَا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِيَةٍ ... تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحْيَانَا]

  ولا تُبيَّن المعرفة بالنكرة باتفاق، وإذا قيل «حبّذا» اسم للمحبوب فهو مبتدأ «زيد» خبر، أو بالعكس عند مَنْ يُجيزُ في قولك: «زيد الفاضل» وجْهَين؛ وإذا قيل بأن


  قوله: (حذف خبره) أي وجوباً ويرد عليه ما مر. قوله: (اسم) أي: تغليباً للأشرف وهو مبتدأ وزيد خبره أو بالعكس ومعنى حبذا على هذا المحبوب. قوله: (انه لا يحل) أي: لأن فاعل حب إنما يكون اسم إشارة. قوله: (وإنه لا يجوز الخ) أي: فلا يقال حبذا فقط وهذا بخلاف البدل فإنه يستغني عنه في نحو جاء زيد أخوك، وقوله فلا يستغني عنه، أي: وحينئذ فلا بد من ذكره أو ذكر ما يشعر به إذا حذف قوله: (من يمانية) بتخفيف الياء وأصله يمنية عوضت الألف عن إحدى ياءي النسب وتمامه:

  تأتيك من قبيل الريان أحيانا

  والريان: جبل ببلاد بني عامر والبيت لجرير والنفحات جمع نفحة يقال نفح الطيب ينفح إذا فاح. قوله: (ولا تبين المعرفة بالنكرة باتفاق) أي: ولو جعل نفحات بيا المعرفة بالنكرة، وقد يجاب عن رده المذكور بجواز أن يكون صاحب هذا القول أطلق عطف البيان على البدل كما اعتذر به المصنف سابقاً عن الزمخشري في بعض المواضع وحينئذ فلا يضر التخالف بالتعريف والتنكير اهـ دماميني. قوله: (وإذا قيل الخ) قائله المبرد. قوله: (حبذا اسم للمحبوب) أي: فالأصل أن حب فعل وذا اسم لكن جعل علماً مركباً للمحبوب. قوله: (عند من يجيز في قولك زيد الفاضل وجهين) أي: وأما على القول بأنه يتعين جعل الأعرف وهو زيد مبتدأ، فلا يصح هنا أن زيد خبر عن حبذا بمعنى الممدوح؛ لأن زيد أعرف من المعرف بأل قوله: (وإذا قيل الخ) قاله الأخفش.

  قوله: (كله فعل) أي: تغليباً للسابق. قوله: (لجواز حذف المخصوص) أي: فقد حذف في البيت المخصوص وهو قولنا حبيب لا اسمية لهذا هو المخصوص المحذوف وإنما قدرنا لا اسمية أخذاً من قول الشاعر لولا الحياء. قوله: (والفاعل لا يحذف الخ) مقتضى هذا القول ان الاسم المرفوع بعد حبذا لا يحذف؛ لأنه فاعل مع إنه قد حذف في


٧٩٦ - التخريج: البيت لجرير في (ديوانه ص ١٦٥؛ والدرر ٥/ ٢٢٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧١٣؛ ولسان العرب ١/ ٢٩١ (حبب)؛ ومعجم ما استعجم ص ٦٩٠، ٨٦٧؛ والمقرب ١/ ٧٠؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٩٨؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ٢/ ٨٨؛ وأسرار العربية ص ١١١؛ والجنى الداني ص ٣٥٧؛ وخزانة الأدب ١١/ ١٩٧، ١٩٩؛ وشرح المفصل ٧/ ١٤٠؛ والدرر ٥/ ٢٢٢).