حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب «كان» وما جرى مجراها

صفحة 243 - الجزء 3

  رَسُولًا}⁣[الشورى: ٥١] تحتمل «كان» الأوجه الثلاثة؛ فعلى الناقصة الخبرُ إما لـ «بشر» و «وحياً» استثناء مفرغ من الأحوال؛ فمعناه: موحياً أو مُوحَى، أو من وراء حجاب، بتقدير: أو إرسالاً، أي: أو ذا إرسال، وإما وحياً والتفريغ في الأخبار، أي: ما كان تكليمُهم إلا إيحاء أو إيصالاً من وراء حجاب أو إرسالاً، وجعل ذلك تكليماً على


  وأنها زائدة وأنها ناقصة وهو الظاهر فعلى التمام، فإن يكلمه فاعل ولبشر تبيين أي: إرادتي كائنة لبشر وعلى الزيادة فإن يكلمه مبتدأ أو لبشر خبره: أي ما تكليم الله ثابت لبشر إلا في حالة الإيحاء الخ، والمعنى على التمام وما ثبت تكليم الله إرادتي لبشر إلا في حالة الإيحاء الخ ومعنى إرادتي أي قصدي بالتكلم للبشر وعلى النقصان فأن يكلمه اسمها والخبر لبشر أو وحياً من المعلوم أن لبشره إذا كان خبراً كان فيه ضمير يجوز جعل الحال منه كما يجوز مجيئه من المصدر قوله: (الخبر أما لبشر) أي: واسمها قوله أن يكلمه الله أي: تكليم الله. قوله: (فمعناه موجباً) أي: جعلته استثناء مفرغاً من الأحوال المقدرة في فاعل يكلمه وهو الله، وقوله أو موحى إليه أي بناءً على أنه مستثنى من الأحوال المقدرة من مفعول يكلمه وهو الضمير في يكلمه ونظير هذا ما ضربت الدابة إلا ركوباً فركوباً إن جعلته حالاً. من الأحوال المقدرة في الدابة كان المعنى ما ضربت الدابة في حال من الأحوال إلا في حال كونها مركوبة فركوباً مراد منه اسم المفعول وإن جعلته استثناء من الأحوال المقدرة في فاعل ضربت كان ركوباً مراداً. منه اسم الفاعل والمعنى ما ضربت الدابة في حال من الأحوال إلا في حال كوني راكباً فالمعنى في الآية على الأول ما كان لبشر أن يكلمه الله في حال من الأحوال إلا في حال كونه موحياً، وعلى الثاني ما كان لبشر أن يكلمه الله في حال من الأحوال إلا في حال كون البشر موحى إليه فقوله أو موحى، أي: إليه وكذا تقول في مؤصلاً بكسر الصاد وفتحها وعلى الفتح فأصله موصلاً إليه ولم يكرر موصلاً، بأن يقول موصلاً أو موصلاً؛ لأنه لم يتغير اللفظ. قوله: (أي أو ذا إرسال) أي: منه على أنه حال من الفاعل أو ذا إرسال إليه على أنه حال من المفعول. قوله: (في (الأخبار) أي: أخبار كان نحو ما كان زيد إلا قائماً، وفيه أن الخبر عين المبتدأ في المعنى وهو لا يظهر بالنسبة لقوله وحياً؛ لأن الإيحاء هو الإلهام وهو غير التكليم وكذا الإرسال ليس عين التكليم والجواب ما أشار له المصنف بقوله: وجعل ذلك تكليماً على حذف مضاف أي ذا إيحاء الخ وتكليم إيحاء أو تكليم إرسال من إضافة الشيء إلى سببه.

  قوله: (وجعل ذلك) أي: الظرفان الإيحاء والإرسال وأما الإيصال من وراء حجاب فلا يكون كذلك لظهور أنه تكليم من غير احتياج إلى تقدير فاسم الإشارة راجع للطرفين أو إنها راجعة إلى أبعد مذكور في كلامه وهو الإيحاء فيدخل الإرسال بالطريق الأولى ومعنى الآية على هذا ما كان تكليم الله إلا تكليم إلهام، فالمراد بالوحي الإلهام وإلا إيصال الكلام من وراء حجاب وإلا تكليم إرسال رسول وهو الملك والمراد بالإيصال من وراء حجاب أن يسمع النبي كلام الله وهو محجوب عن الله كما وقع لموسى، فالممنوع تكليم الله