الجهة السادسة
  «إياه»: إن «إيّا» ضميرٌ أضيف إلى ضمير؛ فحكموا للضمير بالحكم الذي لا يكون إلا للنكرات وهو الإضافة؛ وقول بعضهم في «لا إله إلا الله» إن اسم الله تعالى خبر «لا» التبرئة، ويردُّه أنها لا تعمل إلا في نكرة منفيَّة، واسمُ الله تعالى معرفة موجبة؛ نعم يصح أن يقال: إنه خبر لـ «لا» مع اسمها، فإنّهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه؛ وزعم أن المركبة لا تعمل في الخبر، لضعفها بالتركيب عن أن تعمل فيما تباعد منها وهو الخبر، كذا قال ابن مالك.
  والذي عندي أن سيبويه يرى أن المركبة لا تعمل في الاسم أيضاً؛ لأن جزء الشيء لا يعمل فيه، وأما «لا رَجُلَ ظَرِيفاً» بالنصب فإنه عند سيبويه مثل «يا زَيْدُ الْفَاضِلِ» بالرَّفع؛ وكذا البحث في «لا إله إلا هو» للتعريف والإيجاب أيضاً، وفي «لا إله إلا إله واحد» للإيجاب؛ وإذا قيل: «لا مستحقاً للعبادة إلا إله واحد، أو إلا الله»
  الثاني لأن الإضافة يشترط فيها تنكير المضاف قوله: (إلا للنكرات) قد يقال لعل مذهبهم جواز اجتماع معرفين على معرف واحد من وجهين مختلفين ولا يتحاشون من ذلك كما قال به الرضى في أيهم الموصولة وغيرها. ا. هـ تقرير دردير قوله: (واسم الله تعالى معرفة) هذا هو المقصود بالاعتراض به وإن كان الاعتراض بالإيجاب حاصلاً أيضاً. قوله: (فإنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه) قال الدماميني كيف يجعل الكلمتان معاً مبتدأ مع أن تعريف المبتدأ غير صادق عليهما إذ هو اسم مجرد عن العوامل اللفظية غير الزائدة مسنداً إليه أو صفة معتمدة على نفي أو استفهام رافعة لظاهر أو ضمير منفصل وليس مجموع لا إله مجرداً ولا صفة معتمدة الخ، قال الشمني وأقول لا نسلم أن مجموع لا إله ليس اسماً مجرداً بل هو اسم مجرد مركب من كلمتين كخمسة عشر في قولك عندي خمسة عشرا أ. هـ أو يقال لعل سيبويه أراد إلحاقهما بالمبتدأ تأمل قوله: (لأن جزء الشيء لا يعمل فيه) كان مقتضى الظاهر أن يقول لا يعمل في جزئه الآخر لأن الشيء مصدوقه مجموع المركب إلا أن يقال أراد بالشيء مدخول لا وأنها في حكم جزئه تأمل. قوله: (بالنصب) أي: فنصب النعت دليل على اعتبار المحل وما جاء المحل إلا من اعتبار معمل في الاسم، وحاصل الجواب أن ظريفاً بالنصب مثل يا زيد الفاضل من جهة أن حركة التابع فيه إعرابية محمولة على حركة لفظ الأول العارضة لا أنها محمولة محله وتوضيحه سيبويه يري أن هذا النعت مراعى فيه لفظ المنادى وإنما روعى حركة البناء لكونها عارضة لأنها مشابهة للحركة الإعرابية في العروض، وقولهم حركة البناء لا تراعي محله ما لم تكن حركة البناء عارضة بأن كانت لازمة لا تشابه الحركة الإعرابية، وحينئذ فظريفاً منصوب مراعاة للفظ رجل لأنه ركب مع لا تركب خمسة عشر والمجموع منهما مبتدأ في محل رفع والحاصل ان حركة البناء يجوز مراعاتها إذا كانت عارضة عند المصنف. قوله: (وكذا المبحث) أي: القول في لا إله إلا هو مثل القول في لا إله إلا الله.