حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الثالث

صفحة 283 - الجزء 3

  جماعة من المحققين اشترطوا في نعت الإشارة اشتقاق كما اشترطوه في غيره من النعوت، ولا يكون التخاصم أيضاً عطف بيان، لأن البيان يُشبه الصفة، فكما لا توصفُ الإشارة إلا بما فيه أل» كذلك ما يُعْطَفُ عليها؛ ولهذا منع أبو الفتح في {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}⁣[هود: ٧٢] في قراءة ابن مسعود برفع {شَيْخٌ} كَوْنَ {بَعْلِي} عطف بيان، وأوجب كونه خبراً، و «شيخ»: إما خبر ثان أو خبر لمحذوف، أو بدل من «بَعْلِي»، أو «بَعْلي» بدل و «شيخ» الخبر؛ ونظيرُ مَنْعِ أبي الفتح ما ذكرنا منعُ ابن السيد في كتاب المسائل والأجوبة وابن مالك في التسهيل كونَ عطف البيان تابعاً للمضمر، لامتناع ذلك في النعت؛ ولكن أجاز سيبويه «يَا هَذَانِ زَيْدٌ وعمرو» على عطف البيان، وتبعه الزيادي، فأجاز «مَرَرْتُ بِهَذَيْنِ الطُّويل والقصير» على البيان، وأجازه على البدل أيضاً، ولم يجزه على النعت، لأن نعت الإشارة لا يكون إلا طِبْقَهَا في اللفظ، وممَّن نص على مَنْعِ النعت في هذا سيبويه والمبرد والزجاج، وهو مقتضى القياس، ومَنْعُ سيبويه فيها مخالف لإجازته في النداء.


  (كما اشترطوه في غيره من النعوت) أي: وتخاصم غير مشتق فلا يكون نعتاً للإشارة. قوله: (كذلك ما يعطف عليها) أي: عطف بيان لا يكون إلا بأل. قوله: (ولا يكون التخاصم أيضاً عطف بيان) أي: كما لا يكون نعتاً قوله: (ولهذا) أي: لكون البيان لاسم الإشارة لا بد أن يكون مقروناً بأل. قوله: (كون بعلي عطف بيان) أي: لخلوه من أل. قوله: (وأوجب كونه خبراً) أي: عن هذا وقوله أو بعلي بدل أي من هذا قوله: (لامتناع ذلك في النعت) أي: لأن الضمير لا ينعت ولا ينعت به والقواعد أن كل ما كان بياناً يجوز أن يكون صفة إذا أول بمشتق. قوله: (ولكن أجاز الخ) قصد المصنف بهذا ذكر قول آخر والحاصل أن المسألة فيها قولان الأول وكل ما جاز أن يكون بياناً يجوز أن يكون صفة وهذا هو الصحيح، والقول الثاني أنه لا يلزم ذلك قوله: (ولكن أجاز سيبويه الخ) هذا استدراك على قوله فكما لا توصف الإشارة إلا بما فيه أل فكذلك ما عطف عليها أفاد به أن هذا ليس متفقاً عليه قوله: (على عطف البيان) أي: مع أنه لا يجوز أن يكونا صفة لما سبق أن نعت الإشارة لا بد أن يكون محلى بلام الجنس. قوله: (لا يكون إلا طبقها في اللفظ) وذلك لأن نعت اسم الإشارة اشترط فيه شروط ستة الأولى أن يكون بأل والثاني أن يكون جنساً ولا وصفاً وهذا غالب لا لازم والثالث أن يكون مفرداً والرابع أن يكون متصلاً فلا يقال مررت بهذا في الدار الفاضل، وإن جاز مررت بالرجل في الدار الكريم والخامس أن لا يقطع والسادس أن لا يخالف متبوعه في إفراده وغيره فلا يجوز مررت بهذين الرجل والمرأة. قوله: (إلا طبقها في اللفظ) أي: فإذا كانت الإشارة مفردة لا بد أن تكون الصفة كذلك وهذا إن لفظ مثنى والطويل والقصير لفظان مفردان تابع أحدهما للآخر. قوله: (ومنع سيبويه فيها) أي: في هذه المسألة. وهي مررت بزيد الطويل والقصير. قوله: (في النداء)