النوع الرابع
  النوع الرابع: اشتراط الإبهام في بعض الألفاظ كظروف المكان، والاختصاص في بعضها كالمبتدآت وأصحاب الأحوال.
  ومن الوهم في الأول قولُ الزمخشري في {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ}[يس: ٦٦]، وفي {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ٢١}[طه: ٢١] وقول ابن الطراوة في قوله [من الكامل]:
  [لدْنُ بِهَز الكفَّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ ... فِيهِ] كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثّعْلَبُ
  وقول جماعة في «دَخَلْتُ الدار أو المسجد أو الشوق» إن هذه المنصوبات
  أي: فإنه قال في قولك يا هذان الطويل والقصير في أن الطويل والقصير يجوز أن يكون نعتاً لاسم الإشارة مع أنه لم يطابقه في اللفظ وقصده بهذا الاعتراض على سيبويه.
  قوله: (في بعض الألفاظ) لم يقل في بعض المعمولات لأنه لو قال ذلك لكان الضمير في قوله والاختصاص في بعضها عائداً على المعمولات، وقد عد من هذا البعض أصحاب الأحوال وصاحب الحال من حيث أنه صاحبها ليس بمعمول اهـ شمني وتأمله. قوله: (كظروف المكان الخ) قال الرضى إنما نصب الفعل جميع أنواع الزمان لأن بعض الأزمنة أعني الأزمنة الثلاثة من مدلوله فطرد النصب في مدلوله وغيره، وأما المكان فلما يكن لفظ الفعل دالا على شيء منه بل دلالته عليه عقلية لا لفظية لأن كل فعل لا بد له من مكان فنصب من المكان ما شابه الزمان الذي هو مدلول الفعل أعني الأزمنة الثلاثة وهو غير المحصور كالجهات الست والمحدود كالفرسخ والميل ووجه المشابهة التغير والتبدل في نوعي المكان كما في الأزمنة الثلاثة قوله: (كظروف المكان) أما ظروف الزمان فتنصب على الظرفية سواءً كانت مبهمة أو مختصة. قوله: (كما عسل الطريق الثعلب) هذا بعض عجز من بيت وهو:
  لدن بهز الكف بعسل متنه
  فيه كما عسل الخ. قوله: (وقول جماعة) أي: ومنهم سيبويه فإنه قال إن الدار نصب على الظرفية وهو مستثنى من اشتراط إبهام ظرف المكان فهو مثل قعدت مقعد زيد، فإن قعد ليس منهما واتفقوا على أنه ظرف مكان وذلك لكثرة دورانه في الكلام قوله: (وقول جماعة الخ) هؤلاء الجماعة هم الأكثرون ومنهم إمام الصناعة سيبويه فيرون أن دخل وسكن ونزل تنصب على الظرفية كل مكان دخلت عليه مبهماً كان أو لا نحو دخلت الدار ونزلت الخان وسكنت الغرفة، وذلك لكثرة استعمال هذه الأفعال الثلاثة في كلامهم فحذف حرف الجر أعني في معها في غير المبهم أيضاً وانتصب ما بعدها على الظرفية ولو مختصاً فهو مستثنى من قولهم إنما ينتصب من الظروف المكانية ما كان مبهماً، وقال الجرمي دخلت متعد بنفسه فما بعده مفعول به على طريق التوسع لا مفعول فيه والأصح أنه لازم كما هو القول الأول ألا ترى أن غير الأمكنة بعد دخلت يلزمها في نحو دخلت في الأمر ودخلت في مذهب فلان، وكثيراً ما يستعمل في محل الأمكنة أيضاً نحو دخلت في